المنشورات

واثلة بن الأسقع بن عبد العزيز بن عبد يا ليل بن ناشب، أبو قرصافة:

أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أخبرنا ابن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قَالَ: حدثنا محمد بْنُ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ وَاثِلَةُ لَمَّا نَزَلَ [نَاحِيَةَ] الْمَدِينَةِ وَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى مَعَهُ الصُّبْحَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى وَانْصَرَفَ تَصَفَّحَ أَصْحَابَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ وَاثِلَةَ، قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
فَأَخْبَرَهُ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُبَايِعُ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: / علي مَا أَحْبَبْتَ وَكَرِهْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فِيمَا أَطَقْتَ، قَالَ: نَعَمْ. فَأَسْلَمَ وَبَايَعَهُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُ يَوْمَئِذٍ إِلَى تَبُوكَ، فَخَرَجَ وَاثِلَةُ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَقِيَ أَبَاهُ الأَسْقَعَ، فَلَمَّا رَأَى حَالَهُ قَالَ: قَدْ فَعَلْتَهَا، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَبُوهُ: وَاللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا، فَأَتَى عَمَّهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَلامَهُ أَيْسَرَ مِنْ لائمة أبيه وقال: لم يكن ينبغي لَكَ أَنْ تَسْبِقَنَا بِأَمْرٍ.
فَسَمِعَتْ أُخْتَ وَاثِلَةَ كَلامَهُ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ، فَقَالَ وَاثِلَةُ: أَنَّى لَكِ هَذَا يَا أُخَيَّةُ؟ قَالَتْ: سَمِعْتُ كَلامَكَ وَكَلامَ عَمِّكَ وَأَسْلَمْتُ، فَقَالَ: جَهِزِّي أَخَاكَ جَهَازَ غَازٍ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَاحِ سَفَرٍ. فَجَهَّزْتُهُ فَلَحِقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَحَمَّلَ إِلَى تَبُوكَ، وَبَقِيَ غَبَرَاتٌ مِنَ النَّاسِ، وَهُمْ عَلَى الشُّخُوصِ، فَجَعَلَ يُنَادِي بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعٍ:
مَنْ يَحْمِلُنِي وَلَهُ سَهْمِي؟ قَالَ: فَدَعَانِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَنَا أَحْمِلُكَ، عَقَبَةً بِاللَّيْلِ وَعَقَبَةً بِالنَّهَارِ، وَيَدُكَ أُسْوَةٌ بِيَدِي، وَسَهْمُكَ لِي. قَالَ وَاثِلَةُ: فَقُلْتُ: نَعَمْ وَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، لَقَدْ كَانَ يَحْمِلُنِي وَيَزِيدُنِي، وَآكُلُ مَعَهُ وَيَرْفَعُ لِي حَتَّى إِذَا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدَرِ بْنِ عَبْد الْمَلِكِ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ خَرَجَ كَعْبٌ فِي جَيْشِ خَالِدٍ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ فَأَصَبْنَا فَيْئًا كَثِيرًا، فَقَسَّمَهُ خَالِدٌ بَيْنَنَا، فَأَصَابَنِي سِتُّ قَلائِصَ، فَأَقْبَلْتُ أَسُوقُهَا حَتَّى جِئْتُ بها خَيْمَةَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَقُلْتُ: اخْرُجْ رَحِمَكَ اللَّهُ فَانْظُرْ إِلَى قَلائِصِكَ فَاقْبِضْهَا.
فَخَرَجَ وَهُوَ يبتسم وَيَقُولُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا، مَا حَمَلْتُكَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَ مِنْكَ شَيْئًا.
وَكَانَ وَاثِلَةُ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إلى الشَّامِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: [1] حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ [2] ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، قَالَ: مَاتَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ بِالشَّامِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً فِي آخِرِ خلافة عبد الملك بن مروان.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید