المنشورات

سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بْن عائذ بْن عمران بْن مخزوم بن يقظة:

وكل من كان منسوبا إلى عائذ بن عمران فهو عائذي، بالذال المعجمة. ومن نسب إلى عمرو بن مخزوم فهو عائدي بالدال المهملة. وقد يقال عائذي بالذال المعجمة نسبة إلى عائذ الله بن سعيد، منهم حمزة العائذي، وسعيد بن حنظلة العائذي، وابن طلق العائذي. ويقال: عائذي نسبة إلى عائذ قريش، منهم علي بن مسهر القاضي.
وقال أبو عبد الله الصوري: اجتمع في مخزوم عائد وعائذ، وهما أبناء عم. فأما عائذ فهو ابن عمران بن مخزوم، وأما عائد فهو ابن عمرو بن مخزوم، وإذا جاء عمران فولده عائذ بالياء نقطتين من تحتها والذال المعجمة. وإذا جاء عمر، فولده عابد بالباء واحدة، والدال غير معجمة.
ويكنى سعيد أبا عبد الله، ويقال: أبا عبد الملك. ويقال: أبا محمد. وجده حزن، لقي رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، ولد سعيد لسنتين خلتا من خلافة عمر، وقال: أصلحت بين علي وعثمان، وكان سعيد أفقه أهل الحجاز وأعبرهم للرؤيا.
أخبرنا ابن ناصر، قال: / أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الملك الأسدي، قال:
أنبأنا أبو الحسين بن رزمة، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن سيف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه اليزيدي، قَالَ: حدثنا أحمد بن زهير، قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، يقول:
لما مات العبادلة- عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير- صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، فكان فقيه أهل مكة عطاء ابن أبي رباح، وفقيه أهل اليمن طاووس، وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير، وفقيه أهل البصرة الحسن، وفقيه [أهل] [1] الشام المكحول، وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني، إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع.
أخبرنا محمد بن طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عمر ابن حيوية، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن معروف، قَالَ: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا قدامة بن موسى الجمحي، قال: [2] كان سعيد بن المسيب يفتي وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ أحياء.
قَالَ مُحَمَّد بْن سَعْدٍ: وَأَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هارون، والفضل بن دكين، قالا: أخبرنا مسعر بن كدام، عن سعد بن إبراهيم، عن سعيد بن المسيب، قال: [3] ما بقي أحد أعلم بكل قضاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر مني.
وقال الزبير بن بكار: [4] حدثني محمد بن الضحاك، عن عثمان الحزامي، عن مالك بن أنس: أن سعيد بن المسيب ولد في زمان عمر بن الخطاب، وكان احتلامه عند مقتل عثمان، وكان يقال لسعيد: رواية عمر بن الخطاب، وكان يتتبع أقضية عمر بن الخطاب يتعلمها، وإن كان عبد الله بن عمر ليرسل إليه يسأله/ عن القضاء من أقضية عمر فيخبره.
قال الزبير: وحدثني أبو مصعب الزهري، قال: حدثني المغيرة بن عبد الله الأخنسي، عن رجل أهل البصرة، قال:
كان الحسن بن أبي الحسن لا يدع شيئا من فعله بقول أحد حتى يقول ان سعيد بن المسيب قد قال خلافه فيأخذ به ويدع قوله.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا حارثة بن أبي عمران أنه سمع محمد بن يحيى بن حيان يقول.
كان رأس من بالمدينة في دهره والمقدم عليهم في الفتوى سعيد بن المسيب، ويقال: فقيه الفقهاء.
قال: وأخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا ثور بن يزيد، عن مكحول، قال:
سعيد بن المسيب عالم العلماء.
قال: وأخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُلَيْحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مهران، قال:
قدمت المدينة فسألت عن أفقه الفقهاء، فدفعت إلى سعيد بن المسيب [1] .
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي هشام بن سعد، قال: سمعت الزهري يقول: وسأله سائل عن من أخذ سعيد بن المسيب علمه، قال: عن زيد بن ثابت، وجالس سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وابن عمر، ودخل على أزواج رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ عائشة وأم سلمة، وكان قد سمع من عثمان وعلي وصهيب ومحمد بن مسلمة، وجل روايته المسندة عن أبي هريرة، وكان زوج ابنته.
قال: وأخبرني معن بن عيسى، عن مالك، قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول:
ما كان في المدينة عالم إلا يأتيني بعلمه وأوتى بما عند سعيد بن المسيب.
أخبرنا ابن ناصر، قال: أخبرنا عبد المحسن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الملك بن عبد الله بن سكين الفقيه، قال: أخبرنا/ أبيض بن محمد بن أبيض، قال، حدثنا عبد الرحمن النسائي، قال: حدثني أبو عبد الله الأسباطي، قال: [2] لما نزل الماء في عين سعيد بن المسيب قيل له: اقدحها، قال: فعلى من أفتحها.
قال مؤلف الكتاب رحمه الله: وابتلي سعيد بن المسيب بالضرب. وذلك أن عبد الله بن الزبير ولى جابر بن الأسود الزهري المدينة، فدعا الناس إلى بيعة ابن الزبير، فقال سعيد: لا حتى يجتمع الناس، فضربه ستين سوطا، فبلغ ذلك ابن الزبير، فكتب إليه يلومه ويقول: ما لنا ولسعيد، دعه.
وكان عبد الملك قد خطب بنت سعيد لابنه الوليد، فأبى، فاحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.
أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن أَحْمَد السمرقندي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر مُحَمَّد بْن هبة اللَّه الطبري، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن درستويه، [1] قَالَ: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا زيد بن بشير الحضرمي، قال:
حدثنا ضمام، [2] عن بعض أهل المدينة، قال:
لما كانت بيعة سليمان بن عبد الملك مع بيعة الوليد كره سعيد بن المسيب أن يبايع بيعتين، فكتب صاحب المدينة إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن سعيد بن المسيب كره أن يبايع لهما جميعا، فكتب عبد الملك إلى صاحب المدينة. وما كان حاجتك إلى رفع هذا عن سعيد بن المسيب، ما كنا نخاف منه، فأما إذا ظهر ذلك وانتشر في الناس فادعه إلى ما دخل فيه من دخل في هذه البيعة، فإن أبى فاجلده مائة سوط، واحلق رأسه ولحيته، وألبسه ثيابا من شعر، وقفه على الناس في سوق المسلمين لئلا يجترئ علينا غيره.
فلما علم بعض من حضر من قريش سألوا الوالي أن لا يعجل عليه حتى يخوفه بالقتل فعسى أن يجيب، فأرسلوا مولى له كان في الحرس، قالوا: أذهب فأخفه/ بالقتل، وأخبره أنه مقتول لعل ذلك يخيفه حتى يدخل فيما دخل فيه الناس. فجاءه مولاه وهو يصلي فبكى المولى، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ قال: يبكيني ما يراد بك، قد جاء كتاب فيك إن لم تبايع قتلت، فجئت لتطهر وتلبس ثيابا طاهرة، وتفرغ من عهدك، قال:
ويحك قد وجدتني أصلي، فتراني كنت أصلي ولست بطاهر، وثيابي غير طاهرة، وأما ما ذكرت من العهد فإني أضل ممن أرسلك إن كنت بت ليلة ولم أفرغ من عهدي.
فانطلق، فلما أتى الوالي دعوه فأبى أن يجيب، فأمره بالتجريد ولبس ثيابا من شعر، ثم جلده مائة سوط، وحلق رأسه ولحيته، ووقف فقال: لو كنت أعلم أنه ليس شيء إلا هذا ما نزعت ثيابي طائعا، ولا أجبت إلى ذلك.
قال ضمام: فبلغني أن هشام بن إسماعيل كان إذا خطب الناس يوم الجمعة تحول إليه سعيد بن المسيب بوجهه ما دام يذكر الله عز وجل حتى إذا رفع يذكر عبد الملك ويمدحه ويقول فيه ما يقول أعرض عنه سعيد بوجهه، فلما فطن له هشام أمر حرسيا أن يخصب وجهه إذا تحول عنه، ففعل ذلك به، فقال سعيد لهشام وأشار بيده إليه: هي ثلاث نحل. فما مر به إلا ثلاثة أشهر حتى عزل هشام.
ومعنى نحل: حسب.
[أنبأنا الحسين بن عبد الوهاب، قَالَ: أخبرنا ابن المسلمة، قَالَ:] [1] أخبرنا المخلص، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الزبير بْن بكار، قَالَ: حدثني عمي مصعب بن عبد الله، قال:
كان سعيد بن المسيب لا يقبل بوجهه على هشام بن إسماعيل إذا خطب يوم الجمعة، فأمر به هشام بعض أعوانه يعطفه عليه إذا خطب فأهوى العون يعطفه فأبى عليه فأخذه حتى عطفه، فصاح سعيد، يا هشام إنما [هي] [2] أربع بعد أربع. فلما انصرف هشام قال: ويحكم جن سعيد، فسئل سعيد: أي شيء أربع بعد أربع، سمعت في ذلك شيئا؟ قال: لا، / فقيل: ما أردت بقولك؟ قال: إن جاريتي لما أردت المسجد، قالت لي: إني رأيت هذه الليلة رؤيا فلا تخرج حتى أقصها عليك وتعبرها لي، رأيت كأن موسى غطس عبد الملك في البحر ثلاث غطسات، فمات في الثالثة، فأولت أن عبد الملك مات، وذلك أن موسى بعث على الجبارين بقتلهم، وعبد الملك جبار هذه الأمة. قال: فلم قلت أربع بعد أربع؟ قال: مسافة مسير الرسول من دمشق إلى المدينة بالخبر. فمكثوا ثماني ليال ثم جاء رسول بموت عبد الملك.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید