المنشورات

إبراهيم بن يزيد بن الأسود، أبو عمران النخعي:

كان إماما في الفقه، يعظمه الأكابر، وكان سعيد بن جبير يقول: أتستفتوني وفيكم إبراهيم.
وكان شديد الهيبة، يهاب كما يهاب الأمير، وكان يتخوف من الفتوى ويحتقر نفسه ويقول: احتيج إليّ. ويكره أن يستند إلى السارية، ولا يتكلم حتى يسأل وحمل الناس عنه العلم وهو ابن ثماني عشرة سنة. وكان يصوم يوما ويفطر يوما.
أنبأنا زاهر بن طاهر، قَالَ: أخبرنا أبو بكر أَحْمَد بْن الحسين البيهقي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي بن يزيد الحافظ، يقول: سمعت أبا عبد الرحمن محمد بن عبد الله البيروتي، يقول: حدثنا محمد بن أحمد بن مطر بن العلاء، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يوسف بن بشير القرشي، قال: حدثني الوليد بن محمد الموقري [4] ، قال: سمعت محمد بن مسلم الزهري، يقول:
قدمت على عبد الملك بن مروان، فقال لي: من أين [قدمت] [5] يا زهري؟
قلت: من مكة، فقال: من خلفت بها يسود أهلها؟ قلت: عطاء بن أبي رباح، قال:
فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: وبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية، قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا، فمن يسود أهل اليمن؟ قلت:
طاوس بن كيسان، قال: من العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: وبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء، قال: إنه لينبغي. قال: فمن يسود أهل مصر؟
قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، [عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل] [1] ، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي [2] ، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قلت: الحسين بن أبي الحسن، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: ويلك، فمن يسود أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قلت: من العرب، قال: ويلك يا زهري، فرجت عني، والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو أمر الله ودينه، فمن حفظه ساد، ومن ضيعه سقط.
أخبرنا يحيى بن علي المدير، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النَّقُّورِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قال: حدثنا البغوي، قال: حدثنا محمد بن بكار، قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن ميمون بن أبي حمزة، عن إبراهيم أنه قال:
قد تكلمت ولو وجدت بدا ما تكلمت، وإن زمانا أكون فيه فقيه الكوفة لزمان سوء.
أخبرنا ابن ناصر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الفقيه، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عثمان الصوفي [3] ، قال: حدثنا أبو أحمد الأنباري، قال: حدثنا أبي، قال:
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الكتاني، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا الأعمش، قال:
خرجت أنا وإبراهيم النخعي ونحن نريد الجامع، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال لي: يا سليمان، قلت: لبيك، قال: هل لك أن تأخذ في خلال طرقات الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت: يا أبا عمران، وما عليك في أن نؤجر ويأثمون؟ قال: يا سبحان الله، بل نسلم ويسلمون خير من أن نؤجر ويأثمون.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي [1] ، قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الأصفهاني، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بن محمد، قَالَ: [حدثنا] [2] أحمد بن روح، قَالَ: حدثنا حماد بن المؤمل، قال: حدثني إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن محمد بن سوقة، عن عمران الخياط، قال:
دخلنا على إبراهيم النخعي نعوده وهو يبكي، فقلنا: ما يبكيك؟ قال: أنتظر ملك الموت، لا أدري يبشرني بالجنة أم بالنار.
أدرك إبراهيم النخعي أبا سعيد الخدري، وعائشة، وعامة ما يروى عن التابعين كعلقمة، ومسروق، والأسود. وتوفي هذه السنة وهو ابن تسع وأربعين سنة. وقيل: ابن نيف وخمسين سنة [3] .
وكان الشعبي يقول: والله ما ترك بعده مثله.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید