المنشورات

إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمي

كان شريفا كريما، ويسمى أسد قريش وأسد الحجاز، وكان أعرج، وهو أخو عَبْد اللَّه بْن حسن [بْن حسن] [5] بْن علي لأمه فاطمة بنت الحسين.
روى عن أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس. واستعمله عبد الله بن الزبير على خراج الكوفة. توفي بمنى ليلة جمع محرما، ودفن أسفل العقبة.
أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا علي بن أحمد بْن البسري، عن أبي عبد الله بْن بطة العكبري، قال: أخبرنا أبو بكر الآجري، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن كردي، قال:
أخبرنا أبو بكر المروزي، قال: أخبرت أن عمر بن عبد العزيز قال:
لما ولي الحجاج بن يوسف الحرمين بعد قتل ابن الزبير أشخص إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله وقربه في المنزلة، فلم يزل كذلك عنده [1] حتى خرج إلى عبد الملك بن مروان زائرا له، فخرج معادلا له لا يترك توشيحه وتعظيمه، فلما حضر باب عبد الملك حضر معه [2] ، فدخل على عبد الملك فلم يبدأ بشيء بعد التسليم أولى من أن قال: قدمت عليك يا أمير المؤمنين برجل الحجاز، لم أدع والله له فيها [3] نظيرا في كمال المروءة والأدب وحسن المذهب والطاعة والنصيحة مع القرابة ووجوب الحق وفضل الأبوة إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله وقد أحضرته بابك أسهل عليه أذنك، وتلقاه ببشرك، وتفعل به ما تفعل بمثله ممن كانت مذاهبه مثل مذاهبه. فقال عبد الملك: ذكرتنا حقا واجبا ورحما قريبة، يا غلام إئذن لإبراهيم بن محمد بن طلحة. فلما دخل قربه حتى أجلسه على فراشه ثم قال له: يا ابن طلحة، إن أبا محمد ذكرنا ما لم نزل نعرفك به في الفضل والأدب وحسن المذهب مع قرابة الرحم ووجوب الحق، فلا تدعن حاجة في خاص من أمرك ولا عام إلا ذكرتها، قال: يا أمير المؤمنين، إن أولى الأمور أن يفتتح به الحوائج وترجى به الزلف ما كان للَّه عز وجل رضى، ولحق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أداء، ولك ولجماعة المسلمين نصيحة، وإن عندي نصيحة لا أجد بدا من ذكرها، ولا يكون البوح بها إلا وأنت خال، فأخلني حتى ترد عليك نصيحتي، قال: دون أبا محمد؟ قال: دون أبا محمد، قال: قم يا حجاج، فلما جاز حد الستر قال: قل يا أبا طلحة نصيحتك، قال: يا أمير المؤمنين، إنك عمدت إلى الحجاج في تغطرسه [4] وتعجرفه وبعده من الحق وركونه إلى الباطل فوليته الحرمين وبهما من بهما، وفيهما من فيهما من المهاجرين والأنصار والموالي والأخيار أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبناء الصحابة يسومهم الخسف، ويطؤهم بالعسف، ويحكم بينهم بغير السنة، ويطؤهم بطغام من أهل الشام، وزعازع لا روية لهم في إقامة حق ولا إزاحة باطل، ثم ظننت أن ذلك فيما بينك وبين الله راهق، وفيما بينك وبين رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جاثاك لخصومته إياك في أمته، أما والله لا تنجو هنالك إلا بحجة تضمن لك النجاة، فاربع على نفسك أودع. فقال: كذبت ومنت وظن بك الحجاج ما لم نجده عندك،فلربما ظن الخير بغير أهله، قم فأنت الكاذب المائن، قال: فقمت وما أبصر طريقا، فلما خلفت الستر لحقني لا حق من قبله فقال للحاجب: احبس هذا، ادخل يا أبا محمد.
قال: فدخل الحجاج فلبث مليا لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج الإذن: قم يا أبا طلحة ادخل، فقمت فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج وهو خارج وأنا داخل، فاعتنقني وقبل ما بين عيني ثم قال: إذا ما جزى الله المتواخين [1] بفضل تواصلهم جزاك [2] الله أفضل ما جزى أخا عن أخيه، فو الله لئن سلمت لأرفعن ناطرك، ولأعلين كفك ولأتبعن الرجال غبار قدمك. قال: قلت: تهزأ بي. فلما وصلت إلى عبد الملك أدناني حتى أجلسني في مجلسي الأول ثم قال: يا ابن طلحة، لعل أحدا من الناس شاركك في نصيحتك، قلت: لا والله ولا أعلم أحدا كان أظهر عندي معروفا ولا أوضح يدا من الحجاج، ولو كنت محابيا أحدا بديني لكان هو، ولكني آثرت الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلّم والمسلمين وأنت عليه. قال: قد علمت أنك آثرت الله، ولو أردت الدنيا كان لك في الحجاج كفاية، وقد أزحت الحجاج عن الحرمين [وأعلمته أنك استنزلتني له عنهما استصغارا لهما عنه] [3] ووليته العراقين لما هناك من الأمور التي لا يدحضها إلا مثله، وأعلمته أنك استدعيتني إلى التولية عليهما استزادة له ليلزمه من نصيحتك [4] ما يؤدي به عني إليك [الحق] [5] ، وتصير معه إلى الذي تستحقه، فاخرج معه فإنك غير ذام صحبته.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید