المنشورات

عامر بن شراحيل وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل- أبو عمرو الشعبي:

من شعب همدان، كوفي، وأمه من سبي جلولاء، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر بن الخطاب هو وأخ له توأما. وسمع علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وعبد الله بن جعفر، وابن عباس، وابن عمر [1] ، وابن عمرو، وابن الزبير، وأسامة، وجابر، والبراء، وأنس، وأبا هريرة، وعدي بن حاتم، وسمرة، وعمرو بن حريث، والمغيرة، وزيد بن أرقم، وغيرهم.
وكان مفتيا [2] في العلوم وحافظا ثقة، وقال: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، وما أحببت أن يعيده علي، وما أروي شيئا أقل من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد. ولقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل لكان به عالما، وليتني أفلت من ذلك كفافا لا علي ولا لي.
وسمعه عمر يحدث بالمغازي، فقال: لكأن هذا الفتى شهد معنا.
وقال أبو مخلد: ما رأيت أفقه من الشعبي، ولما بلغ عبد العزيز بن مروان عقل الشعبي وعلمه وطيب مجالسته كتب إلى أخيه عبد الملك أن يؤثره بالشعبي، ففعل وكتب إليه: إني أوثرك به على نفسي، لا يلبث عندك إلا شهرا. وكان عبد العزيز بمصر فأقام عنده نحوا من أربعين يوما ثم رده.
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز، قال: أخبرنا القاضي أبو سعيد الحسن بْن مُحَمَّد بْن عبد الله بْن المرزبان السيرافي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريد، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه، قال: [3] وجه عبد الملك بن مروان عامرا الشعبي إلى ملك الروم في بعض الأمر فاستكثره [1] ، فقال له: من أهل بيت الملك أنت؟ قال: لا، فلما أراد الرجوع إلى عبد الملك حمله رقعة لطيفة وقال: إذا رجعت إلى صاحبك فأبلغه جميع ما يحتاج إلى معرفة من ناحيتنا، وادفع إليه هذه الرقعة، فلما صار الشعبي إلى عبد الملك ذكر له ما احتاج إلى ذكره، ونهض من عنده، فلما خرج ذكر الرقعة فرجع، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه حملني إليك رقعة نسيتها حين خرجت، وكانت في آخر ما حملني، فدفعها إليه ونهض فقرأها عبد الملك فأمر برده، فقال: أعلمت ما في هذه الرقعة؟ قال:
لا، قال: فيها: عجبت من العرب كيف ملكت غير هذا، أفتدري لم كتب إلي بهذا؟
فقال: لا، قال: حسدني بك فأراد أن يغريني بقتلك، فقال الشعبي: لو كان ذاك يا أمير المؤمنين ما استكثرني. فبلغ ملك الروم ذلك، فذكر عبد الملك [2] فقال: للَّه أبوه، والله ما أردت إلا ذلك.
كان الشعبي قد خرج مع القراء على الحجاج ثم دخل عليه فاعتذر فقبل عذره، وولي القضاء.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عبد الجبار، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن أخي ميمي، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد الخواص، قَالَ: حدثنا ابن مسروق، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا أبو أسامة، قال:
حدثنا زكريا بن يحيى، قال:
دخلت على الشعبي وهو يشتكي فقال له: كيف تجدك؟ قال: أجدني وجعا مجهودا، اللَّهمّ إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس عندي.
توفي في هذه السنة. قاله الأكثرون. وقيل: في سنة سبع. وفي مقدار عمره قولان، أحدهما: سبع وتسعون، والثاني: اثنتان وثمانون.
قال بعض الرواة: كنت إذا رأيت [1] مجاهدا ظننت أنه خربندج [2] ضل حماره فهو مهتم.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الدَّقَّاق، قَالَ: أخبرنا [المبارك بن عبد الجبار قال:
أخبرنا ابْن] [3] صفوان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن عبيد، قال: حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن كناسة، قال: حدثنا عمر بن ذر، عن مجاهد، قال:
إذا أراد أحدكم أن ينام فليستقبل القبلة ولينم على يمينه وليذكر الله، وليكن آخر كلامه عند منامه لا إله إلا الله، فإنها وفاة لا يدرى لعلها تكون منيته. ثم قرأ: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) 6: 60 [4] .
توفي مجاهد وهو ساجد في هذه السنة. وقيل: في سنة اثنتين، وقيل: في سنة ثلاث. وقد بلغ ثلاثا وثمانين سنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید