المنشورات

خرج بهلول بن بشر الملقب كثارة فقتل

وكان منزله بدابق، وكان يتأله [7] ، فخرج يريد الحج، فأمر غلامه أن يبتاع له بدرهم خلا فجاءه بخمر، فأمره بردها وأخذ الدرهم، فلم يجب إلى ذلك، فجاء بهلول إلى عامل القرية فكلمه، فقال العامل: الخمر خير منك ومن قومك، فمضى في حجه، وعزم على الخروج على السلطان، فلقي بمكة من كان على مثل رأيه، فاتعدوا قرية من قرى الموصل، فاجتمعوا أربعين [8] ، وأمروا البهلول، فجعلوا لا يمرون [9] على أحد إلا أخبروه أنهم أقبلوا من عند هشام إلى خالد [10] لينفذهم في أعمالهم، فأخذوا دوابا من دواب البريد، فلما انتهوا إلى القرية التي كان ابتاع الغلام منها الخل، فقال بهلول:
نبدأ بهذا العامل الذي قال ما قال، فقال له أصحابه: نحن نريد قتل خالد، فإن بدأنا بهذا شهرنا وحذرنا [11] خالد وغيره، فننشدك الله أن تقتل هذا فيفلت منا خالد، فقال: لا أدع [12]
ما يلزمني لما بعده، وأنا أرجو أن أقتل هذا وأدرك خالدا، وقد قال الله عز وجل: (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) 9: 123 [1] فأتاه فقتله فنذر بهم الناس وعلموا أنهم خوارج فابتدروا هرابا.
وخرجت البرد إلى خالد، فأعلموه أن خارجة قد خرجت، فبعث إليهم جندا فالتقوا على الفرات فهزمهم البهلول، وارتحل إلى الموصل فخافه عامل الموصل [2] ، فتوجه يريد هشاما، فخرجت إليه الأجناد فكانوا عشرين ألفا وهو في سبعين، فقاتلهم فقتل منهم جماعة، ثم عقد أصحابه [3] دوابهم وترجلوا، فأوجعوا في الناس، ثم طعنه رجل فوقع، فقال أصحابه: ول أمرنا من يقوم به، قال: إن هلكت فأمير المؤمنين دعامة الشيباني فإن هلك فعمرو اليشكري [4] ، ثم مات من ليلته، فلما أصبحوا هرب دعامة وخلاهم، فخرج عمرو اليشكري فلم يلبث أن قتل، ثم خرج العميري، فخرج إليه السمط بن مسلم، فانهزمت الحرورية، فتلقاهم عبيد أهل الكوفة وسفلتهم فرموهم بالحجارة حتى قتلوهم.
ثم خرج وزير السجستاني [5] ، وكان مخرجه بالحيرة، فجعل لا يمر بقرية إلا أحرقها ولا أحد إلا قتله، وغلب على بيت المال، فوجه إليه خالد قائدا من أصحابه فقتل عامة أصحابه وارتث، فحمل إلى خالد، فقرأ عليه آيات من القرآن ووعظه، فأعجب خالد من كلامه فحبسه [6] ، وكان يبعث إليه في الليالي فيؤتى به فيحادثه [7] ، فبلغ ذلك هشاما وقيل: أخذ حروريا واتخذه سميرا، فغضب هشام وكتب إلى خالد يشتمه ويأمره بقتله وإحراقه. فشده وأصحابه بأطنان القصب، فصب عليهم النفط وأحرقهم بالنار، فما منهم إلا من اضطرب إلا هذا الرجل، فإنه لم يتحرك، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات.
وفي هذه السنة خرج الصحاري [1] بن شبيب على خالد، ووافقه جماعة، فبعث إليهم خالد جندا فاقتتلوا فقتلوهم بأجمعهم.
وفي هذه السنة حج بالناس [2] مسلمة بن هشام بن عبد الملك، وحج [معه] [3] ابن شهاب الزهري، وكان العامل في هذه السنة على مكة والمدينة والطائف محمد بن هشام، وعلى العراق والمشرق خالد بن عبد الله، وعامل خالد على خراسان أخوه أسد.
وقد قيل: إن أسد هلك في هذه السنة واستخلف جعفر بن حنظلة البهراني [4] ، وقيل: إنما هلك أسد في سنة عشرين، وكان على أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد بن مروان.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید