المنشورات

محمد بن واسع بن جابر، أبو عبد الله

أسند عن أنس وغيره، وكان عالما خيرا متواضعا، وكان الحسن يسميه سيد القراء، وكان يصوم الدهر ويخفي ذلك، وكان يبكي طول الليل حتى قالت جارية له: لو كان هذا قتل أهل الدنيا ما زاد على هذا. وكان يخرج فيغزو، فخرج مرة إلى الترك مع قتيبة بن مسلم، فقيل لقتيبة: محمد بن واسع يرفع إصبعه- يعني يدعو- فقال: تلك الإصبع أحب إلي من ثلاثة آلاف عنان.
أنبأنا المبارك بن أحمد الكندي، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن، قال: أخبرنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن صفوان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: حدثني أبو حفص الصيرفي، قال: حدثني علي بن بزيع الهلالي، قال: قال مطر الوراق، قال:
ما اشتهيت أن أبكي قط حتى أشتفي إلا نظرت إلى وجه محمد بن واسع، وكنت إذا نظرت إلى وجهه كأنه قد ثكل عشرة من الحزن.
أخبرنا محمد بن هبة الله الطبري بإسناد له عن ابن شوذب، قال: كان إذا قيل بالبصرة: من أفضل أهل البصرة؟ قالوا: محمد بن واسع، ولم يكن يرى له كثير عبادة، وكان يلبس قميصا بصريا وساجا، وكان له علية، فإذا كان الليل دخل ثم أغلقها عليه.
أخبرنا محمد بن أبي القاسم، قَالَ: حَدَّثَنَا حمد بْن أَحْمَد قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الأصفهاني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر بْن مالك، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ،قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، قال: سمعت محمد بن واسع يقول:
لو كان يوجد للذنوب ريح ما قدرتم أن تدنوا مني من نتن ريحي.
قال عبد الله: وحدثني علي بن مسلم، قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا الحارث بن نبهان، قال: سمعت محمد بن واسع يقول:
وا أصحاباه، [ذهب أصحابي] [1] : قلت: رحمك الله، أليس قد نشأ شباب يصومون النهار، ويقومون الليل، ويجاهدون في سبيل الله؟ قال: بلى، ولكن يداخ وثفل أفسدهم العجب.
قال عبد الله: وحدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا ضمرة، عن ابن شوذب، قال:
قسم أمير البصرة على أهل البصرة، فبعث إلى مالك بن دينار فقبل، فقال له محمد بن واسع: يا مالك قبلت جوائز السلطان، قال: سل [2] جلسائي، فقالوا: اشترى بها رقابا وأعتقهم، فقال له محمد بن واسع: أنشدك الله، أقلبك الساعة له على ما كان قبل أن يجيزك؟ قال: اللَّهمّ لا، قال: ترى أي شيء دخل عليك؟ فقال مالك لجلسائه:
[إنما مالك حمار] [3] ، إنما يعبد الله مثل محمد بن واسع.
قال عبد الله: وحدثني عبيد الله القواريري [4] ، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال:
دخلنا على محمد بن واسع نعوده في مرضه، فجاء يحيى البكاء يستأذن، فقالوا: يحيى البكاء، فقال: إن شر أيامكم يوم نسبتم إلى البكاء.
وفي رواية أخرى أنه قال: إن كان الرجل ليبكي عشرين سنة وامرأته لا تعلم.
وقال لرجل: هل أبكاك قط سابق علم الله فيك.
أخبرنا علي بْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رِزْقُ اللَّهِ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بِشْرَان، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن صفوان، قَالَ: حدثنا أبو بكر بن عبيد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عيسى الطفاوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الزراد، قال:
رأى محمد بن واسع ابنا له وهو يخطر بيده، فقال: ويحك، تعال، تدري من أنت؟ أمك اشتريتها بمائتي درهم، وأبوك فلا أكثر الله في المسلمين مثله.
قال ابن عبيد اللَّهِ [1] : وحدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، عن سعيد بن عامر، عن حزم، قال: قال محمد بن واسع وهو في الموت:
يا إخوتاه، تدرون أين يذهب بي؟ يذهب بي والله الذي لا إله إلا هو إلى النار أو يعفو عني.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید