المنشورات

رابعة العدوية

أخبرنا أبو القاسم الجريري، قال: أنبأنا أبو طالب العشاري، قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَكِّي، قَالَ: أخبرنا محمد بن إسحاق بن إسحاق السراج، قال: حدثنا حاتم بن الليث الجوهري، قال: حدثنا عبد الله بن عيسى، قال:
دخلت على رابعة العدوية بيتها، فرأيت على وجهها النور، وكانت كثيرة البكاء، فقرأ رجل عندها آية فيها ذكر النار، فصاحت ثم سقطت.
ودخلت عليها وهي جالسة على قطعة بوري خلق فتكلم رجل عندها بشيء، فجعلت أسمع وقع دموعها على البوري مثل الوكف، ثم اضطربت وصاحت فقمنا وخرجنا.
قال محمد بن عمر [2] : دخلت على رابعة. وكانت عجوزا كبيرة بنت ثمانين سنة،كأنها الشن، تكاد تسقط، ورأيت في بيتها كراحة بوري، ومحشب قصب فارسي طوله من الأرض قدر ذراعين، عليه أكفانها وستر البيت جله، وربما بوري وجب وكوز ولبد هو فراشها وهو مصلاها. وكانت إذا ذكرت الموت انتفضت وأصابتها رعدة، وإذا مرت بقوم عرفوا فيها العبادة.
وقال لها رجل: ادعي لي، فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله، أطع ربك وادعه فإنه يجيب دعوة المضطر.
قال مؤلف الكتاب [1] : كانت رابعة محققة [2] فطنة، ومن كلامها الدال على قوة فهمها قولها: استغفر الله من قلة صدقي في قولي أستغفر الله.
وكان سفيان الثوري يقول: مروا بنا إلى المؤدبة التي لا أجد من أستريح إليه إذا فارقتها. وقال يوما بين يديها: وا حزناه، فقالت: لا تكذب، قل: وا قلة حزناه، لو كنت محزونا ما هناك العيش.
وقيل لها: هل عملت عملا ترين أنه يقبل منك؟ فقالت: إن كان فمخافتي أن يرد علي.
وقد جمعت أخبارها في كتاب، فلهذا اقتصرت على هذا القدر ها هنا.
دفنت بظاهر القدس على رأس جبل، وقبرها يزار.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید