المنشورات

المنصور و أولاده

[كان له] [2] المهدي واسمه محمد، وجعفر، أمهما أروى بنت منصور بن عبد الله بن يزيد بن شمر الحميرية، وكانت تكنى أم موسى، وكان المنصور قد شرط لها ألا يتزوج عليها، ولا يتسرى، وكتبت عليه بذلك كتابا وأشهدت عليه شهودا، فبقي عليه عشر سنين من سلطانه كذلك، وكان يكتب إلى الفقيه بعد الفقيه ليفتيه برخصة، فإذا علمت أم موسى أرسلت إلى ذلك الفقيه بمال فلا يفتيه، فلما ماتت أتته وفاتها وهو بحلوان، فأهديت إليه تلك الليلة مائة بكر.
ومن أولاد المنصور صالح، أمه أمة، ويقال: بنت ملك الصغد. وسليمان، وعيسى، ويعقوب، أمهم فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبيد الله. والغالية أمها من ولد خالد بن أسيد. وجعفر، والقاسم، وعبد العزيز، والعباس، فأما جعفر بن أبي جعفر فولي الموصل لأبي جعفر ومات ببغداد، فولد لجعفر إبراهيم، وزبيدة وهي أم جعفر، أمهما سلسل أم ولد جعفر بن جعفر، وعبيد الله بن جعفر، وصالح بن جعفر، ولبابة بنت جعفر. فأما إبراهيم فلا عقب له. وأما زبيدة فتزوجها هارون الرشيد، وأما لبابة فكانت عند موسى بن المهدي، وأما عيسى بن جعفر فولي البصرة وكورها وفارس والأهواز واليمامة والسند.
أخبرنا [أبو] [3] منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن على بن ثابت، قال: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلي بن يعقوب الواسطي، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثني عبد الصمد، قال: حدثني أبي موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام، عن أبيه محمد بن إبراهيم، قال [4] :
قال المنصور يوما ونحن جلوس عنده: أتذكرون رؤيا كنت رأيتها ونحن بالشراة؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين ما نذكرها، فغضب من ذلك، وقال: كان ينبغي لكم أن تثبتوها في ألواح الذهب وتعلقوها في أعناق الصبيان، فقال عيسى بن علي: إن كنا قصرنا في ذلك فنستغفر الله يا أمير المؤمنين، فليحدثنا أمير المؤمنين بها، قال: نعم، رأيت كأني في المسجد الحرام، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وبابها مفتوح والدرجة موضوعة، وما أفقد أحدا من الهاشميين ولا من القرشيين، إذا مناد ينادي:
أين عبد الله؟ فقام أخي أبو العباس فتخطى الناس حتى صار على الدرجة، فأخذ بيده فأدخل البيت، فما لبث أن خرج علينا ومعه قناة عليها لواء قدر أربعة أذرع وأرجح، فرجع حتى خرج من باب المسجد، ثم نودي: أين عبد الله؟ فقمت أنا وعبد الله بن علي نستبق حتى صرنا إلى الدرجة، فجلس فأخذ بيدي فأصعدت فأدخلت الكعبة، وإذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه أبو بكر وعمر وبلال. فعقد لي وأوصاني بأمته وعممني، وكان كورها ثلاثة وعشرين كورا، وقال: خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة.
أخبرنا ابن ناصر الحافظ، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، قَالَ: أخبرنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الرحيم المازني، قَالَ:
حدثنا أَبُو علي الحسين بْن القَاسِم الكوكبي، قَالَ: حدثنا أبو سهل [بن] [1] علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهاية وكان محبوسا بسجن الأهواز، فقال [2] :
رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن، فرأيت من هيبته وحالته وسيماه وحسن وجهه وثيابه ما لم أره لأحد قط. قال: فصرت من موضعي إليه فقلت: يا سيدي ليس وجهك من وجوه هذه البلاد، فقال: أجل يا مجوسي قلت: فمن أي البلاد أنت؟ فقال: من المدينة، فقلت: أي مدينة؟ فقال: مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت:
وحق الشمس والقمر إنك لمن ولد صاحب المدينة، قال: لا ولكنني من عرب المدينة. قال: فلم أزل أتقرب إليه وأخدمه حتى سألته عن كنيته، فقال: كنيتي أبو جعفر، قلت: أبشر فو حقّ المجوسية لتملكن جميع ما في هذه البلدة حتى تملك فارس وخراسان والجبال، فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول فاذكر لي هذه البشرى، قال: إن قضي شيء فسوف يكون، قال: فقلت: قد قضاه الله من السماء فطب نفسا، فطلبت دواة فوجدتها فكتب لي: بسم الله الرحمن الرحيم، يا نوبخت إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم مئونة الظالمين، ورد الحق إلى أهله لم نغفل عما يجب من حق خدمتك إيانا. وكتب: أبو جعفر.
قال نوبخت: فلما ولي الخلافة صرت إليه وأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر ولك متوقع، والحمد للَّه الذي صدق وعده وحقق الظن ورد الأمر إلى أهله.
وأسلم نوبخت وكان منجما لأبي جعفر ومولى.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید