المنشورات

طرف من كلام المنصور

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري، قال:
حدثنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن أبي الأزهر، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مبارك الطبري، قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول:
الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى [الناس] [1] بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: أَخْبَرَنَا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: أخبرنا أبو العباس المنصوري عن القثمي، عن مبارك الطبري قال: سمعت أبا عبيد الله يقول: سمعت المنصور يقول للمهدي:
يا أبا عبد الله لا تجلس مجلسا إلا ومعك فيه رجل من أهل العلم يحدثك، فإن محمد بن مسلم بن شهاب قال: إن الحديث ذكر لا يحبه إلا الذكور من الرجال، ويكرهه مؤنثوهم، وصدق أخو بني زهرة.
وكان المنصور يقول: ما أحوجني أن يكون على بابي أربعة نفر، لا يكون على بابي أعف منهم، قيل: يا أمير المؤمنين، من هم؟ قال: هم أركان الملك ولا يصلح الملك إلا بهم، كما إن السرير لا يصلح إلا بأربعة قوائم، إن نقصت قائمة واحدة فقد وهي [2] ، أما احدهم: فقاض لا يأخذه في الله لومة لائم، والآخر: صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، والثالث: صاحب خراج يستقضي ولا يظلم الرعية فإني غني عن ظلمهم. ثم عض أصبعه السبابة ثلاث مرات يقول في كل مرة: آه آه على الرابع [3] فقيل له: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد يكتب بخبر هؤلاء على الصحة.
وكتب أبو جعفر إلى عامله بالمدينة: أن بع الثمار التي في الضياع، ولا تبعها إلا ممن نغلبه ولا يغلبنا، والذي يغلبنا المفلس الذي لا مال له ولا رأي لنا في عذابه ويذهب مالنا قبله، وبعها بدون من ذلك ممن ينصفك ويوفيك.
قال المنصور: كانت العرب تقول: العري الفادح خير من الزي الفاضح.
وقال أيضا: الملوك تحتمل كل شيء إلا ثلاثا: إفشاء السر، والتعرض للحرمة، والقدح في الملك [4] .
وقال: سرك من دمك فانظر من تملكه.
وقال: من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافى، ومن أضعف فقد شكر، ومن علم أنه إنما صنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولا تلتمس من غيرك شكر [1] ما أتيته إلى نفسك، ووقيت به عرضك، واعلم أن طالب الحاجة إليك لم يكرم وجهه عن قصدك [2] فأكرم وجهك عن رده.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن صرما، قال: أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي، قال: حدثنا أبو حاتم محمد بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا الخزاعي، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر أَحْمَد بن مُحَمَّد العنبري، قال: سمعت الفضل بن الحارث، يقول: سمعت محمد بن سلام الجمحي يقول:
قيل للمنصور: هل بقي من ذات الدنيا شيء لم تنله؟ قال: بقيت خصلة، أن أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث، فيقول المستملي: من ذكرت رحمك الله؟
قال: فغدا عليه الندماء وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال: لستم هم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، برد الآفاق ونقلة الحديث.
وفي هذه السنة: حج بالناس أبو جعفر، وكان على الكوفة عيسى بن موسى، وعلى قضائها ابن أبي ليلى، وعلى البصرة وعملها سليمان بن علي، وعلى قضائها عباد بن منصور، وعلى مكة العباس بن عبد الله بن معبد، وعلى مصر صالح بن علي.
ورخصت الأسعار.
فأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن علي بن ثابت، قال:
أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه [3] ، قال: أخبرنا جعفر الخلدي، قال: أخبرنا الفضل بن مخلد، قال: سمعت داود بن صغير يقول:
رأيت زمن أبي جعفر كبشا بدرهم، وحملا بأربع دوانيق، والتمر ستين رطلا بدرهم، والزيت ستة عشر رطلا بدرهم، والسمن ثمان أرطال بدرهم.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید