المنشورات

ثارت السودان بالمدينة

وواليها عَبْد اللَّه بْن الربيع، فهرب منهم.
وَكَانَ السبب الَّذِي هيج ذلك أن رياح بْن عثمان استعمل أبا بكر بْن عَبْد اللَّه بْن سبرة على صدقة أسد وطئ، فلما خرج مُحَمَّد أقبل إِلَيْهِ أَبُو بكر بما كَانَ جبى، وشمر معه، فلما استخلف عيسى كثير بْن حصين أخذ أبا بكر فضربه سبعين سوطا وحبسه، ثُمَّ قدم عَبْد اللَّه بْن الربيع واليا يوم السبت لخمس بقين من شوال سنة خمس وأربعين، فنازع بعض جنده بعض التجار فِي بعض مَا يشترون [3] منهم، فخرجت طائفة منهم- يعني التجار- فشكوا [4] ذلك إِلَى ابْن الربيع فنهرهم وشتمهم، فطمع فيهم الجند، فانتهبوا شيئا من طعام السوق، وعدوا على رجل من الصرافين فغالبوه على كيسه، 33/ ب فاجتمع أَهْل المدينة فشكوا/ ذلك إِلَى ابْن الربيع فلم ينكر ذلك، وجاء رجل من الجند فاشترى من جزار لحما ولم يعطه ثمنه وشهر عليه السيف، فطعنه الجزار بشفرة فخر عَنْ دابته، واعتوره الجزارون فقتلوه، وتنادى السودان على الجند وهم يروحون إِلَى الجمعة فقتلوهم بالعمد فِي كل ناحية، حَتَّى أمسوا، فلما كَانَ الغد هرب ابن الربيع، ونفخ السودان فِي بوق لهم، فكان كل أسود يسمعه فيؤم الصوت [1] ، وذلك فِي يوم الجمعة لسبع بقين من ذي الحجة، وعدوا على ابْن الربيع والناس فِي الجمعة، فأعجلوه عَنِ الصلاة، وخرج حتى أتى السوق، فمر بمساكين خمسة وهم يسألون الناس، فحمل عليهم بمن معه فقتلوهم، وحمل عليه السودان، فهرب ابْن الربيع إِلَى البقيع فرهقوه [2] ، فنثر لهم دراهم فأشغلوا بها، ومضى لوجهه حَتَّى نزل بطن نخلة، ووقع السودان فِي طعام لأبي جعفر من سويق ودقيق وزيت، فانتهبوه.
فخرج ابْن أبي سبرة من السجن فِي حديده، فخطب الناس وصلى بهم، ودعاهم إِلَى الطاعة، وقال ابْن أبي سبرة لجماعة من سادات العبيد: والله لئن ثبتت علينا هَذِهِ الثلاثة [3] عند أمير المؤمنين بعد الفعلة الأولى إنه لاصطلام البلد وأهله، فاذهبوا إِلَى العبيد فكلموهم. فذهبوا إليهم فقالوا: مرحبا بكم يا موالينا، والله مَا قمنا إلا إبقاء لكم.
واقبلوا بهم إِلَى المسجد، فردوا مَا انتهبوه، فرجع ابْن الربيع، فقطع أيدي جماعة من السودان.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید