المنشورات

معن بْن زائدة بْن عَبْد اللَّه بْن مطر بْن شريك، أَبُو الوليد الشيباني:

كَانَ من صحابة المنصور ببغداد لما بْنيت، ثُمَّ ولاه اليمن وغيرها، وَكَانَ جوادا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [الْقَزَّازِ] [3] ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمران، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر [4] النحويّ، قال: حدّثنا القاسم بْن المغيرة، قَالَ: حَدَّثَنَا المدائني، عَنْ غياث بْن إِبْرَاهِيم [5] :
أن معن بْن زائدة دخل عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أمير المؤمنين/ فقارب فِي خطوه، فَقَالَ أَبُو جَعْفَر: كبرت سنك يا معن، قَالَ: فِي طاعتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ:
إنك لجلد [6] ، قَالَ: عَلَى أعدائك يا أمير المؤمنين [7] ، قَالَ: وإن فيك لبقية، قَالَ: هي لك.
أخبرنا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني، قَالَ: أَخْبَرَنَا المعافى بْن زكريا، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ الشيباني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يزيد النحوي، قَالَ: حَدَّثَنَا قعنب [1] ، قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن سلم [2] :
لما ولى المنصور معن بْن زائدة أذربيجان قصده قوم من أَهْل الكوفة، فلما صاروا ببابه واستأذنوا عليه فدخل الآذن، فَقَالَ: أصلح اللَّه الأمير، بالباب وفد من أَهْل العراق، قَالَ: من أي العراق؟ قَالَ: من الكوفة، قَالَ إئذن لهم، فدخلوا عليه، فنظر إليهم معن فِي هيئة زرية، فوثب عَلَى أريكته وأنشأ يَقُول:
إذا نوبة نابت صديقك فاغتنم ... مرمتها فالدهر بالناس قلب
فأحسن ثوبيك الَّذِي هو لابس ... وأفره مهريك الَّذِي هو يركب
وبادر بمعروف إذا كنت قادرا ... زوال اقتدار أو غنى عنك يعقب
قَالَ: فوثب إِلَيْهِ رجل من القوم، فَقَالَ: أصلح اللَّه الأمير، ألا أنشدك أحسن من هَذَا؟ قال: لمن؟ قَالَ: لابْن عمك ابْن هرمة، قَالَ: هات، فأنشأ وجعل يَقُول:
وللنفس تارات تحل بها العرى ... وتسخو عَنِ المال النفوس الشحائح
إذا المرء لم ينفعك حيا فنفعه ... أقل إذا ضمت عَلَيْك الصفائح
لأية حال يمنع المرء ماله ... غدا فغدا والموت غاد ورائح
فَقَالَ معن: أحسنت والله وإن كَانَ الشعر لغيرك، يا غلام أعطهم أربعة آلاف يستعينوا بها عَلَى أمورهم إِلَى أن يتهيأ لنا فيهم مَا نريد، فَقَالَ الغلام: يا سيدي أجعلها دنانير أم دراهم؟ فَقَالَ معن: والله لا تكون همتك أرفع من همتي، صفرها لهم قَالَ المعافى: وحدثنا يزداد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا/ أَبُو موسى 75/ أعيسى بْن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي العتبي، قَالَ [3] :
قدم معن بْن زائدة بغداد فأتاه الناس وأتاه ابْن أبي حفصة، فإذا المجلس غاص بأهله، فأخذ بعضادتي الباب فقال:
وما أحجم الأعداء عنك بقية ... عَلَيْك ولكن لم يروا فيك مطمعا
لَهُ راحتان الجود والحتف فيهما ... أبى اللَّه إلا أن تضر وتنفعا
فَقَالَ معن: احتكم يا أبا السمط، فَقَالَ: عشرة آلاف، فَقَالَ معن: ربحت والله [عليك] [1] تسعين ألفا.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: أخبرني الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم، قَالَ: [أَخْبَرَنَا ابْن دريد، قَالَ:] [2] أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَان الأشنانداني [3] ، عَنِ الثَّوْريّ، عَنْ أبي عبيدة، قَالَ [4] :
وقف شاعر بباب معن بْن زائدة حولا لا يصل إِلَيْهِ، وَكَانَ معن شديد الحجاب، فلما طال مقامه سأل الحاجب أن يوصل لَهُ رقعة، فأوصلها فإذا فِيهَا مكتوب:
إذا كَانَ الجواد لَهُ حجاب ... فما فضل الجواد عَلَى البخيل
فألقى معن الرقعة إِلَى كتابه وَقَالَ: أجيبوه عَنْ بيته، فخلطوا وأكثروا ولم يأتوا بمعنى، فأخذ الرقعة وكتب فِيهَا:
إذا كَانَ الجواد قليل مال ... ولم يعذر تعلل بالحجاب
فَقَالَ الشاعر: إنا للَّه أيؤيسني من معروفه، ثُمَّ ارتحل منصرفا، فسأل معن عنه فأخبر بانصرافه، فأتبعه بعشرة آلاف وَقَالَ: هي عندنا فِي كل زورة.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن ثابت، قَالَ: أخبرني الحسين بن محمد بن عثمان النصيبي، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سَعِيد المعدل، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دريد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو معاذ خلف [5] بْن أَحْمَد المؤدب، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَان [6] المازني، قَالَ: حدّثنا صاحب شرطة معن، قال [7] :
بينا أنا عَلَى رأس معن إذا هو براكب يوضع، فَقَالَ معن: مَا أحسب هَذَا/ الرجل 75/ ب يريد إلّا إياي، ثُمَّ قَالَ لحاجبه: لا تحجبه، فجاء حَتَّى مثل بين يديه، فَقَالَ:
أصلحك اللَّه قل مَا بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا
ألح دهر رمى بكلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا
فَقَالَ معن وأخذته أريحية: لا جرم والله لأعجلن أوبتك، ثُمَّ قَالَ: يا غلام، ناقتي الفلانية وألف دينار، فدفعها إِلَيْهِ وَهُوَ لا يعرفه.
أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أخبرني الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد المقري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طالب الكاتب، قال: حدثنا أبو عكرمة الضبي [1] ، قال: حدثنا سليمان، قَالَ [2] :
خرج المهدي يوما يتصيد، فلقيه الحسين بْن مطير فأنشده يَقُول:
أضحت يمينك من جود مصورة ... لكن يمينك منها صور الجود
من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بْنانك يجري الماء فِي العود
فَقَالَ المهدي: كذبت يا فاسق، وهل تركت فِي شعرك موضعا لأحد مَعَ قولك فِي معن بْن زائدة:
ألما بمعن ثُمَّ قولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثُمَّ مربعا
فيا قبر معن كنت أول حفرة ... من الأرض حطت للمكارم مضجعا
أيا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كَانَ منه البر والبحر مترعا
ولكن حويت الجود والجود ميت ... ولو كَانَ حيا ضقت حَتَّى تصدعا
وما كَانَ إلا الجود صورة وجهه [3] ... فعاش ربيعا ثُمَّ ولى فودعا
فلما مضى معن مضى الجود والندى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا
فأطرق الحسين ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وهل معن إلا حسنة من حسناتك. / فرضي عنه وأمر له بألفي دينار.
بلغنا أن بعض فصحاء العرب دخل عَلَى معن، فَقَالَ: أصلح اللَّه الأمير، لو شئت أن أتوسل إليك ببعض من يثقل عَلَيْك لوجدت ذلك سهلا ممكنا ولكني استشفعت إليك بقدرك، واستعنت عَلَيْك بفضلك، فإن رأيت أن تضعني من كرمك حيث وضعت نفسي من رجائك، فإني لم أكرم نفسي عَنْ مسألتك فأكرم وجهك عَنْ ردي، قَالَ: سل حاجتك، قَالَ: ألف درهم، قَالَ: ربحت عَلَيْك ربحا بينا، قَالَ: مثلك لا يربح عَلَى سائله، قَالَ: أضعفوا لَهُ مَا سأل.
أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن الفضل القطان، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن درستويه، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال [1] :
قتل معن بْن زائدة بأرض خراسان سنة اثنتين وخمسين ومائة [2] .
قَالَ الخطيب [3] : بلغني أن المنصور ولاه سجستان فنزل بست فأساء السيرة فِي أهلها فقتلوه.
وَقَالَ غيره: قتلته الخوارج بسجستان.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید