المنشورات

حمزة بْن حبيب الزيات، ويكنى أبا عمارة، مولى لآل عكرمة بْن ربعي التيمي:

كَانَ يجلب الزيت من الكوفة إِلَى حلوان، ويجلب من حلوان الجبْن والجوز إِلَى الكوفة. وَكَانَ صاحب قرآن وفرائض، صدوقا صاحب سنة. وقد أسند عَنِ الأعمش.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سهل بن سعدويه، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن الفضل القرشي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن مردويه، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن فارس، قَالَ: سمعت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عُمَر يَقُول: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول:
مر بْنا حمزة بْن حبيب فاستسقى فأتيته بماء، فَقَالَ: أنت ممن يحضرنا فِي القراءة؟ قلت: نعم، قَالَ: لا حاجة لي فِي مائك.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أَبُو الوليد عُتْبَة بْن عَبْد الملك العثماني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطيب عَبْد الْمُنْعِمِ بْن عَبْد اللَّه بْن غلبون المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن نصر بْن هارون السامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن جبلة، قَالَ: أَخْبَرَنَا/ إدريس بْن عَبْد الْكَرِيمِ الحداد، قَالَ: أخبرنا خلف بن 86/ أهشام البزاز، قَالَ: قَالَ لي سليم بْن عيسى [1] :
دخلت عَلَى حمزة بْن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه فِي الأرض ويبكي، فقلت: أعيذك باللَّه، فَقَالَ: رأيت البارحة فِي منامي كَانَ القيامة قَدْ قامت، وقد دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت قائلا يَقُول بكلام عذب: لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن، فرجعت القهقري، فهتف باسمي: أين حمزة بْن حبيب الزيات؟
فقلت: لبيك داعي اللَّه، فبدرني ملك فَقَالَ قل: لبيك اللَّهمّ لبيك، فقلت كما قَالَ لي، فأدخلني دارا فِيهَا ضجيج القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلا يَقُول: لا بأس عَلَيْك اقرأ وأرق، فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقال لي: اقرأ سورة الأنعام. فقرأت وأنا لا أدري عَلَى من أقرأ حتى بلغت الستين آية، فلما بلغت: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ 6: 18 [2] قَالَ لي: يا حمزة، ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى، قَالَ: صدقت، اقرأ، فقرأت حَتَّى أتممتها، فَقَالَ لي:
أقرأ، فقرأت الأعراف حَتَّى بلغت آخرها وأومأت إِلَى الأرض بالسجود، فَقَالَ لي:
حسبك مَا مضى، لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هَذِهِ القراءة؟ فقلت: سليمان، فَقَالَ:
صدقت، من أقرأ سليمان؟ قلت: يَحْيَى، قَالَ: صدق يَحْيَى، عَلَى من قرأ يَحْيَى؟
فقلت: عَلَى أبي عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: صدق أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، من أقرأ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ؟ فقلت: ابْن عم نبيك علي، فَقَالَ: صدق علي، فمن أقرأ عليا؟ قلت:
نبيك مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ومن أقرأ نبيي؟ قَالَ: قلت: جبريل عليه السلام، قَالَ: ومن أقرأ جبريل؟ فسكت، فَقَالَ لي: يا حمزة، قل أنت، فقلت: ما أجسر أن أقول أنت، فقال:قل أنت، فقلت: أنت، فَقَالَ: صدقت يا حمزة، وحق القرآن لأكرمن أَهْل القرآن لا 86/ سيما إذا عملوا بالقرآن، / يا حمزة القرآن كلامي وما أحب أحدا كحبي أَهْل القرآن، ادن يا حمزة، فدنوت فضمخني بالغالية وَقَالَ: ليس أفعل بك وحدك، قَدْ فعلت ذلك بْنظرائك بمن فوقك ومن دونك، ومن أقرأ القرآن كما أقرأته، لم يزد بذلك غيري، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فأعلم أصحابك مكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم، فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلى القرآن بالنار، ولا قلبا وعاه، ولا أذنا سمعته، ولا عينا نظرته، فقلت: سبحانك سبحانك أي رب، فَقَالَ: يا حمزة أين نظار المصاحف؟ فقلت: يا رب أفحفاظ هم؟ قَالَ: لا، ولكني أحفظه لهم حَتَّى يوم القيامة، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة.
أفتلومني أن أبكي وأتمرغ فِي التراب.
تُوُفِّيَ حمزة بحلوان في هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید