المنشورات

[معبد] بْن الخليل.

عامل المهدي. تُوُفِّيَ بالسند وَهُوَ [عامله] [5] عَلَيْهَا فاستعمل مكانه روح بن حاتم.
مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإمام، فَقَالَ: هَذَا الشيخ خير أَهْل الحجاز [1] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُثْمَان الصَّيْرفيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن العباس الخزاز قَالَ: حدثنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد البغوي قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن أيوب العابد قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُمَر عَبْد اللَّه بْن كثير قَالَ:
حَدَّثَنِي حسن بْن زَيْد قَالَ: كَانَ قَدْ ولي عَبْد الصَّمَدِ عَلَى المدينة، فعاقب بعض القرشيين وحبسه [2] ، قال: فكتب بعض قرابته إلى أبي جعفر، فكتب أبو جعفر إلى المدينة، وأرسل رسولا وَقَالَ: اذهب فانظر قوما من العلماء فأدخلهم عليه حَتَّى يروا حاله ويكتبوا إلي بها، فأدخلوا عليه فِي حبسه: مالك بْن أنس، وابْن أبي ذئب، وابْن أبي سبرة وغيرهم من العلماء، فقالوا: اكتبوا بما ترون إِلَى أمير المؤمنين. قَالَ: وَكَانَ عَبْد الصَّمَدِ لما بلغه الخبر حل عنه الوثاق وألبسه ثيابا، وكنس البيت الَّذِي كَانَ فِيهِ ورشه، ثُمَّ أدخلهم عليه. فَقَالَ لهم الرسول: اكتبوا بما رأيتم، فأخذوا يكتبون شهد فلان وفلان. فَقَالَ ابْن أبي ذئب: لا تكتبوا شهادتي أنا أكتبها بيدي إذا فرغت فارم إلي بالقرطاس قَالَ: فكتبوا رأينا محبسا لينا ورأينا هيئة حسنة، وذكروا مَا يشبه هَذَا من الكلام. قَالَ: ثُمَّ دفع القرطاس إِلَى ابْن أبي ذئب، / فلما نظر في الكتاب فرأى هذا 106/ أالموضع [3] نادى: يا مالك داهنت وفعلت وفعلت وملت إلى الهوى، لكن اكتب: رأيت مجلسا ضيقا وأمرا شديدا. قَالَ: وجعل يذكر شدة الحبس وضيقه. قَالَ: وبعث الكتاب إِلَى أبي جَعْفَر، فقدم أَبُو جَعْفَر حاجا، فمر بالمدينة فدعاهم، فلما دخلوا عليه جعلوا يذكرون وجعل ابْن أبي ذئب يذكر شدة الحبس وضيقه، وشدة عَبْد الصَّمَدِ، وما يلقون منه. قَالَ: وجعل أَبُو جَعْفَر يتغير وجهه، وينظر إِلَى عَبْد الصَّمَدِ غضبا، قَالَ الْحَسَن بْن زيد: فلما رأيت ذلك أردت أن ألينه، وخشيت عَلَى عَبْد الصَّمَدِ من أبي جَعْفَر [4] أن يعجل عليه، فقلت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ويرضى هَذَا أحد قَالَ ابْن أبي ذئب: أما والله إن يسألني عنك لأخبرته، فَقَالَ أَبُو جَعْفَر: فإني أسألك، فقال: يا أمير المؤمنين [ولي علينا] [1] ففعل بْنا وفعل. فأطنب فِي. فلما ملأني غيظا قلت: أفيرضي هَذَا أحدا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ سله عَنْ نفسك، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَر: فإني أسألك عَنْ نفسي فَقَالَ: لا تسألني، فقال: أنشدك باللَّه فكيف تراني؟ قَالَ: اللَّهمّ مَا أعلمك إلا ظالما جائرا، قَالَ:
فقام إِلَيْهِ وفي يده عمود، قَالَ الْحَسَن فجمعت [إلي] [2] ثيابي مخافة أن يصيبْني من دمه وقلت: الآن يضربه بالعمود فجعل يَقُول لَهُ: يا مجوسي أتقول هَذَا لخليفة اللَّه فِي أرضه؟
وجعل يرددها عليه وابْن أبي ذئب يَقُول: إنك نشدتني باللَّه يا عَبْد اللَّه. قَالَ: ولم ينله بسوء [قَالَ] [3] : وتفرقوا عَلَى ذلك [4] .
عَنْ مُحَمَّد بْن خلاد قَالَ: لما حج المهدي دخل مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يبق أحد إلا قام، إلّا ابْن أبي ذئب فَقَالَ لَهُ المسيب بْن زهير: من هَذَا أمير المؤمنين؟ فَقَالَ ابْن أبي ذئب: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فَقَالَ المهدي: لقد قامت كل شعرة فِي رأسي [5] .
وشيعته وقواده وأنصاره من خلع عيسى وتصيير الأمر الَّذِي كَانَ عقد لَهُ فِي أعناق المسلمين لموسى ابْن أمير المؤمنين لاختيارهم لَهُ ورضاهم به وأن عيسى قَدْ خلع نفسه، وحللهم مما كَانَ لَهُ من البيعة فِي أعناقهم، وأن مَا كَانَ لَهُ من ذلك فقد صار لموسى ابن أمير 107/ أالمؤمنين بعقد من أمير المؤمنين وأهل بيته/ وشيعته فِي ذلك، وأن موسى عامل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه محمد [1] صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، بأحسن [2] السيرة، وأعدلها، وقرأ على عيسى كتاب ذكر الخلع، فأقر بذلك وتتابع [3] أَهْل بيت أمير المؤمنين والقواد يبايعون للمهدي ثُمَّ لموسى، ويمسحون على أيديهما، ثُمَّ نزل المهدي ووكل ببيعته من بقي من الخاصة والعامة خالد بْن يزيد بْن مَنْصُور، وكتب عَلَى عيسى بخلعه كتاب ليكون حجة عليه، وفيه: أنه قَدْ نزل عما كَانَ حقا لَهُ لموسى بْن المهدي وأنه إن لم يف بذلك فكل زوجة هي عنده من يوم كتب هَذَا الكتاب أو يتزوجها طالق ثلاثا البتة إِلَى ثلاثين [4] سنة، وكل مملوك لَهُ عنده اليوم أو يملكه إِلَى ثلاثين سنة أحرار لوجه اللَّه، وكل مال لَهُ من نقد أو عرض أو أرض أو قليل أو كثير ويستفيده إِلَى ثلاثين سنة صدقة عَلَى المساكين، وعليه من مدينة السلام المشي حافيا إِلَى بيت اللَّه العتيق نذرا واجبا ثلاثين سنة، وأشهد عَلَى نفسه بإقراره هَذَا مائة وثلاثين رجلًا من بْني هاشم والموالي والوزراء والقضاة، وكتب فِي صفر سنة ستين وختم عليه عيسى بْن موسى [5] .
[وفي هذه السنة] [6] : وصل عَبْد الملك بْن شهاب المسمعي فِي خلق كثير من المطوعة وغيرهم إلى بلد الكفار فنصبوا عَلَيْهَا المجانيق وفتحوها عنوة، وقتلوا أهلها واستشهد من المسلمين بضعة وعشرون رجلا، وهاج البحر فلم يقدروا عَلَى ركوبه، وأقاموا إِلَى أن سكن فأصابهم [7] فِي أفواههم داء فمات منهم نحو من ألف [8] رجل،فيهم الربيع بْن صبيح، ثُمَّ انصرفوا وسبى منهم ابْنة الملك [1] .
[وَفِيهَا] [2] : جعل أبان بْن صدقة كاتبا للمهدي ووزيرا [لَهُ] [3] .
[وَفِيهَا] [4] : عزل أَبُو عون عَنْ خراسان وولي مكانه معاذ بْن مسلم [5] /.
[وَفِيهَا] [6] : غزا ثمامة بْن الوليد الصائفة، وغزا الغمر بْن الْعَبَّاس الخثعمي بحر الشام [7] .
وَفِيهَا: رد المهدي إِلَى أبي بكرة من نسبهم فِي ثقيف إِلَى ولاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وألحقهم به، وأخرج آل زياد من قريش والعرب، وَكَانَ يَقُول ابن سميّة الزانية، ويقبّح استلحاق معاوية زيادا [8] .
وَفِيهَا: ولى المدينة- أعني قضاءها [9]- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عمران الطلحي [10] .
وَفِيهَا: خرج عَبْد السَّلامِ بْن هاشم [اليشكري] [11] الخارجي، وسيأتي خبر مقتله [12] .
وَفِيهَا: عزل بسطام بْن عَمْرو عَنِ السند واستعمل عَلَيْهَا روح بْن حاتم [13] .

وَفِيهَا: حج المهدي بالناس واستخلف عَلَى مدينة السلام ابْنه موسى، وترك معه يزيد بْن المنصور بأمر المهدي وزيرا لَهُ ومدبرا لأموره، وخرج مَعَ المهدي ابْنه هارون وجماعة من أَهْل بيته، فكان ممن شخص معه: يعقوب بْن داود عَلَى منزلته الَّتِي كانت عنده فأتاه حين وافى مكة بالحسن بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه الَّذِي استأمن لَهُ يعقوب، فأحسن المهدي صلته وجائزته، وأقطعه مالا من الصوافي بالحجاز.
وفي هذه السنة [1] : نزع المهدي كسوة الكعبة الَّتِي كانت عَلَيْهَا، وكساها كسوة جديدة، وذلك أن حجبة الكعبة رفعوا إِلَيْهِ أنهم يخافون عَلَى الكعبة لكثرة مَا عَلَيْهَا من الكسوة، فأمر أن يكشف عنها فكشف مَا عَلَيْهَا حَتَّى بقيت مجردة، ثُمَّ طلي البيت كله بالخلوق، ولما بلغوا إِلَى كسوة هِشَام وجدوها ديباجا ثخينا ووجدوا كسوة من كَانَ قبله عامتها من متاع اليمن [2] .
وقسم المهدي في هذه السنة فِي أَهْل مكة والمدينة مالا كثيرا، فذكر أنه قسم في 108/ أتلك السفرة ثلاثين ألف ألف درهم حملت معه، ووصل/ إليه من مصر ثلاثة مائة ألف دينار ومن اليمن مائتا ألف دينار قسم ذلك كله، وفرق من الثياب مائة ألف ثوب وخمسين ألف ثوب، ووسع فِي مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وأمر بْنزع المقصورة الَّتِي فِي مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزعت، وأراد أن ينقض [منبر] [3] مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيعيده إِلَى مَا كَانَ عليه، ويلقي مَا كَانَ معاوية زاده فِيهِ، فشاور فِي ذلك، فقيل لَهُ: إن المسامير الَّذِي أحدثه معاوية فِي الخشب الأول وَهُوَ عتيق لا نأمن إن خرجت المسامير الَّتِي فِيهِ وزعزعت أن ينكسر، فتركه عَلَى حاله، وأمر المهدي أيام مقامه بالمدينة بإثبات خمسمائة رجل من الأنصار ليكونوا معه حرسا لَهُ [4] بالعراق [وأنصارا] [5] ، وأجرى عليهم أرزاقا سوى أعطياتهم، وأقطعهم عند قدومهم معه بمدينة السلام قطيعة تعرف بهم، ودخل عليه عُثْمَان بْن طلحة فاستعفاه من القضاء [6] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أَبُو بَكْرٍ [أَحْمَدُ] [1] بْنُ ثَابِتٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْد الصَّمَدِ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نصر بْن مكرم قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْن سعيد المعدل قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكوكبي قَالَ: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: حَدَّثَنِي أبي قَالَ: استقضى بعض أمراء المدينة عُثْمَان بْن طلحة بْن عُمَر بْن عبيد اللَّه بْن معمر، فامتنع عليه، فأشرف عليه بضرب السياط، فلما رأى ذلك قضى بين الناس حَتَّى استوجب رزق عشرة أشهر، وقدم المهدي المدينة حاجا، فدخل عليه عُثْمَان بْن طلحة، فسأله أن يعزله عَنِ القضاء، فَقَالَ: ليس إِلَى ذلك سبيل، قَالَ لَهُ عُثْمَان: والله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لو علمت أن بلد الروم تجيرني ولا تمنعني من الصلاة لاستجرت به، قَالَ المهدي: وإنك عَلَى مَا قلت. قَالَ: فإني والله لعلى مَا قلت، قَالَ:
فإني قَدْ عزلتك فاقبض/ مَا لك عندنا من الرزق. قَالَ: والله مَا فِي عنه غنى، ولكن كان 108/ ب لي نظر وأشباه [ذلك] [2] يكرهون من هَذَا العمل مَا أكره، ثُمَّ أكرهوا عليه، فدخلوا فيه، فلما عزلوا كرهوا العزل، فلم أجد معناهم فِي كراهتهم العزل إلا هَذَا الرزق، فلذلك كرهت أخذه.
وتزوج المهدي فِي أيام مقامه بالمدينة رقية بْنت عَمْرو [3] العثمانية [4] .
وَفِيهَا: [5] رد المهدي عَلَى أَهْل بيته وغيرهم قطائعهم الَّتِي كانت مقبوضة عنهم [6] .
وَفِيهَا: حمل مُحَمَّد بْن سليمان الثلج للمهدي، حَتَّى وافى مكة، فكان المهدي أول من حمل لَهُ الثلج من الخلفاء إِلَى مكة [7] .
وَفِيهَا [8] : تزوج الهادي لبابة بْنت جعفر بن المنصور، وهي أخت زبيدة.
وَكَانَ في هذه السنة عَلَى صلاة الكوفة وأحداثها إِسْحَاق بْن الصباح الكندي، وعلى قضائها شريك بْن عَبْد اللَّه النخعي، وعلى صلاة البصرة وأحداثها وأعمالها [1] ، وعلى كور دجلة، والبحرين، وعمان وكور الأهواز، وفارس مُحَمَّد بْن سليمان، وَكَانَ عَلَى قضاء البصرة عبيد اللَّه بْن الْحَسَن، وعلى خراسان معاذ بْن سالم، وعلى الجزيرة الفضل بْن صالح، وعلى السند رواح بْن حاتم. وعلى إفريقية يزيد [2] بْن حاتم، وعلى مصر سليمان بْن عَلِيّ [3] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید