المنشورات

هلاك المقنع

وذلك أن سعيدا الحرشي حصره بكش فاشتد عليه الحصار، فلما أحسّ بالهلكة شرب سما وسقاه نساءه، فمات ومتن، فدخل المسلمون قلعته فاجتزوا رأسه ووجهوا به إِلَى المهدي [1] .
وَفِيهَا: قطع المهدي البعوث للصائفة عَلَى جميع الأجناد من أَهْل خراسان وغيرهم، وخرج فعسكر بالبردان فأقام بها نحوا من شهرين يتهيأ ويعطي الجنود، وأخرج/ بها صلات لأهل بيته الذين خرجوا معه.
وتوفي عيسى بْن عَلِيّ فِي آخر جمادى الآخر [2] .
وخرج المهدي من الغد من البردان متوجها إِلَى الصائفة، واستخلف بمدينة السلام ابْنه مُوسَى، وكاتبه يومئذ أبان بْن صدقة، وعلى خاتمه عَبْد اللَّه بْن علاثة، وعلى حرسه عَلِيّ بْن عِيسَى، وعلى شرطته عَبْد اللَّه بْن خازم، وإنما خرج مشيعا لولده هارون، وضم إِلَيْهِ الربيع، والحسن بْن قحطبة، وخالد بْن برمك، والحسن وسليمان ابْني برمك. ووجه معه عَلَى أمر العسكر ونفقاته والقيام مَعَ ابْنه هارون [3] بإمرة يَحْيَى بْن خالد، وَكَانَ أمر هارون كله إِلَيْهِ، ففتح الله عليهم فتوحا كثيرة [4] .
وفي مسير المهدي مَعَ ابْنه هارون عزل عَبْد الصَّمَدِ بْن عَلِيّ عَنِ الجزيرة وولى مكانه زفر بْن عاصم الهلالي. وَكَانَ السبب أن المهدي سلك فِي سفرته هَذِهِ طريق الموصل وعلى الجزيرة عَبْد الصَّمَدِ، فلما بلغ أرض الجزيرة ولم يتلقه عَبْد الصَّمَدِ ولا هيأ لَهُ، ولا أصلح القناطر، فاضطغن ذلك عليه، فلما لقيه تجهمه وأظهر لَهُ جفاء فبعث إليه عبد الصمد بألطاف لم يرضها، فردها وازداد عليه سخطا، وأغلظ لَهُ، فرد عليه عَبْد الصَّمَدِ، فأمر بحبسه وعزله عَنِ الجزيرة، ولم يزل فِي حبسه إِلَى أن رضي عنه.
وأتي المهدي وَهُوَ بحلب بزنادقة فقتلهم وصلبهم وقطع كتبا كانت معهم، ثُمَّ عرض بها جنده، وأمر بالرحلة وأشخص جماعة ومن وافاه [1] من أَهْل بيته مَعَ ابْنه هارون إِلَى الروم وشيع المهدي ابْنه هارون حَتَّى قطع الدروب، وبلغ جيحان وارتاد بها المدينة الَّتِي تسمى المهدية، وودع هارون عَلَى نهر جيحان، فسار هارون حَتَّى نزل رستاقا من رساتيق أرض الروم، فِيهِ قلعة، فأقام عَلَيْهَا ثمانيا وثلاثين ليلة، ونصب عَلَيْهَا المجانيق، ففتحها اللَّه تعالى بعد أن أصاب الناس- يعني أهلها- عطش وجوع، وأصاب المسلمون قتل وجراح، وقفل هارون بالمسلمين [2] .
وفي هَذِهِ السفرة صار المهدي/ إِلَى بيت المقدس فصلى فِيهِ [3] .
وَفِيهَا: ولى المهدي ابْنه هارون المغرب كله وأذربيجان وأرمينية وجعل كاتبه عَلَى الخراج ثَابِت بْن موسى، وعلى رسائله يَحْيَى بْن خالد بْن برمك [4] .
وَفِيهَا: عزل زفر بْن عاصم، عَنِ الجزيرة، وولى مكانه عَبْد اللَّه بْن صالح بْن عَلِيّ.
وعزل معاذ بْن مسلم عَنْ خراسان، ووليها المسيب بن زهير، وعزل يحيى الحرشي عَنْ أصبهان، وولى الحكم بن معبد مكانه.
وعزل سعيد بن دعلج عَنْ طبرستان والرويان، ووليها عُمَر بن العلاء. وعزل مهلهل بْن صفوان عَنْ جرجان، ووليها هِشَام بْن سَعِيد [1] .
وَفِيهَا: حج بالناس عَلِيّ بْن المهدي [2] .
وَكَانَ عَلَى مكة والمدينة والطائف واليمامة جعفر [3] بن سليمان وعلى الصلاة والأحداث بالكوفة إِسْحَاق بْن الصباح الكندي، وعلى قضائها شريك، وعلى البصرة وأعمالها، وكور دجلة والبحرين، وعمان، وكور الأهواز، وكور فارس: مُحَمَّد بْن سليمان، وعلى خراسان المسيب بْن زهير، وعلى السند نصر بْن مُحَمَّد بْن الأشعث [4] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید