المنشورات

بشار بْن برد، أَبُو معاذ الشاعر، مولى عقيل

ولد أعمى، وَكَانَ يشبه الأشياء فِي شعره، فيأتي بما لا يقدر البصراء عليه، فقيل [لَهُ] [2] يوما وقد قَالَ:
كَانَ مثار النقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
مَا قَالَ أحد أحسن من هَذَا التشبيه، فمن أين لك هَذَا ولم تر الدنيا قط؟
فَقَالَ: إن عدم النظر يقوي ذكاء القلب، ويقطع عنه الشغل بما تنظر إِلَيْهِ من الأشياء، فيتوفر حسه وتذكو قريحته.
وَكَانَ الأصمعي يَقُول: بشار خاتمة الشعراء، والله لولا أن أيامه تأخرت لفضَّلته عَلَى كثير منهم.
قَالَ الجاحظ: كَانَ بشار شاعرا خطيبا صاحب منثور ومرواج وسجع ورسائل، وَهُوَ المقدم من الشعراء المحدثين وهو بصري قدم بغداد [3] .
وَقَالَ أَبُو تمام الطائي: أشعر الناس وأشبههم فِي الشعر كلاما بعد الطبقة الأولى بشار، والسيد وأبو نواس، ومسلم بْن الوليد بعدهم.
وَقَالَ أَبُو عبيدة معمر بْن المثنى: قَالَ بشار الشعر ولم يبلغ عشر سنين، وَقَالَ ثلاثة عشر ألف بيت جيد، ولا يكون عدد شعر الجاهلية والإسلام هَذَا العدد.
قَالَ: وَكَانَ بشار يهوى امرأة من أَهْل البصرة يقال لها عبيدة، فخرجت عن البصرة [4] مع زوجها إِلَى عمان [فَقَالَ بشار] : [5]
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت ... وأشهى لقلبي أن تهب جنوب
وما ذاك إلا أنها حين تنتهي ... تجيء وفيها من عبيدة طيب
عذيري من العذال يعذلونني ... شفاها وما فِي العاذلين لبيب
130/ ب/ يقولون لو عزيت قلبك لارعوى ... فقلت وهل للعاشقين قلوب
إذا انطلق القوم الجلوس فإنني ... مكب كأني فِي الجميع غريب
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال أخبرنا علي بن أيوب القمي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن اليشكري قَالَ: قيل لأبي حاتم من أشعر الناس؟
قَالَ: الَّذِي يَقُول:
ولها مبسم كثغر الأقاحي ... وحديث كالوشي وشي البرود
نزلت فِي السواد من حبة القلب ... وزادت زيادة المستزيد
عندها الصبر عَنْ لقائي وعندي ... زفرات يأكلن صبر الجليد
يعني: بشارا- وَكَانَ يقدمه عَلَى جميع الناس [1] .
فبلغ المهدي أن بشارا قَدْ هجاه، وشهد قوم أنه زنديق، فأمر المهدي بضربه، فضرب ضرب التلف، فمات في هذه السنة. وقيل: فِي سنة ثمان، وقد بلغ نيفا وتسعين سنة [2] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید