المنشورات

مُحَمَّد المهدي بْن عَبْد اللَّه المنصور

رأى مناما قبل وفاته يدل عَلَيْهَا.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أَبُو الحسين بْن عَلِيّ [بْن مُحَمَّد] بْن المعدل قال أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ لي عَلِيّ بْن يقطين: خرجنا مَعَ المهدي فَقَالَ لنا يوما: إني داخل البهو فنائم فِيهِ فلا يوقظني أحد حَتَّى استيقظ، قَالَ: فنام ونمنا، فما أنبهنا إلا بكاؤه، فقمنا فزعين، فقلنا: ما شأنك يا أمير المؤمنين، فقال: أتاني الساعة آت في منامي، شيخ والله لو كَانَ فِي مائة ألف شيخ لعرفته، فأخذ بعضادتي الباب وَهُوَ يَقُول:
كأني بهذا القصر قَدْ باد أهله ... وأوحش منه ركنه ومنازله
وصار عميد القوم من بعد بهجة ... وملك إِلَى قبر عليه جنادله
ولم يبق إلا ذكره وحديثه ... تنادي عليه بالعويل حلائله
واختلفوا فِي سبب وفاته عَلَى قولين:
أحدهما: رواه واضح قهرمان المهدي قَالَ: خرج المهدي يتصيد بقرية من قرى ماسبذان فلم أزل معه إِلَى بعد العصر وانصرفت إِلَى مضربي، وَكَانَ بعيدا من مضربه، فلما كَانَ وقت السّحر ركبت لإقامة الوظائف ولقيني أسود عريان، فدنا مني، ثُمّ قَالَ: أبا سهل، أعظم اللَّه أجرك فِي مولاك أمير المؤمنين. فدخلت فإذا به مسجى فِي قبة. فقلت: فارقتكم بعد [صلاة] [3] العصر وَهُوَ أسر مَا كَانَ حالا وأصحه 142/ أبدنا، فما كَانَ الخبر؟ فقالوا: اطردت الكلاب ظبيا فما زال يتبعها فاقتحم الظبي/ باب خربه، فاقتحمت الكلاب خلفه واقتحم الفرس خلف الكلاب، فدق ظهره باب الخربة فمات من ساعته [1] .
القول الثاني: ذكره أَبُو نعيم المروزي قَالَ: بعثت جارية من جواري المهدي إِلَى ضرة لها لبْنا [2] فِيهِ سم وَهُوَ قاعد فِي البستان بعد خروجه من عيساباد، فدعا به فأكل، ففرقت الجارية أن تقول إنه مسموم [3] .
وروى أَحْمَد بْن مُحَمَّد الرازي: أن المهدي كَانَ جالسا فِي علية قصر بماسبذان، وكانت جاريته حسنة قَدْ عمدت إِلَى كمثرى فجعلته فِي صينية وسمّت واحدة في أحسنه وأنضجه، وردت القمع عَلَيْهَا ووضعتها فِي أعلى الصينية، وأرسلت بذلك مَعَ وصيفة لها إلى جارية المهدي- وكانت حظية عنده- تريد قتلها، فمرت الوصيفة بالصينية، فرآها المهدي، فدعاها فمدّ يده فأخذ الكمثراة الَّتِي فِي أعلى الصينية وهي المسمومة، فأكلها فصرخ: جوفي. فأخبرت حسنة الخبر، فجاءت تلطم وجهها وتبكي وتقول: أردت أن أنفرد بك فقتلتك، فهلك من يومه فجعلت حسنة عَلَى قبتها المسوح فَقَالَ أَبُو العتاهية فِي ذلك:
رحن فِي الوشي وأصبحن ... عليهن المسوح
كل نطاح من الدهر ... لَهُ يوم نطوح
لست بالباقي ولو ... عمرت مَا عُمَر نوح
فعلى نفسك نح إن ... كنت لا بد تنوح [4]
توفي المهدي بقرية يقال لها الرّد من ماسبذان فِي ليلة الخميس لثمان بقين من المحرم، سنة تسع وستين، وَهُوَ ابْن ثلاث وأربعين سنة، ولم توجد لَهُ جنارة يحمل عَلَيْهَا، فحمل عَلَى باب، وصلى عليه ابْنه هارون، ودفن تحت جوزة كان يجلس تحتها فِي المكان الَّذِي قبض فِيهِ، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا ونصف شهر، وقيل: عشر سنين وتسعة وأربعين يوما.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید