المنشورات

إبراهيم [بن علي] بن سلمة بن علي بن هرمة، أبو إسحاق الفهري المَدِيني .

/ شاعر مفلق، فصيح مسهب مجيد، أدرك دولة [4] الأمويين والهاشميين، وكان 10/ ب ممن اشتهر بالانقطاع للطالبيين.
أخبرنا أبو منصور القزاز، [أخبرنا الخطيب، أخبرنا الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبْرَاهِيم، أخبرنا] [5] إبراهيم بن عرفة قَالَ: تحول المنصور إلى مدينة السلام، ثم كتب إلى أهل المدينة أن يوفدوا عليه خطباءهم وشعراءهم، فكان ممن وفد عليه إبراهيم بن هرمة، قَالَ: فلم يكن في الدنيا خطبة أبغض إلي من خطبة تقربني منه، واجتمع الخطباء والشعراء من كل مدينة، وعلى المنصور ستر يرى الناس من ورائه ولا يرونه، وأبو الخصيب حاجبه قائم يَقُولُ: يا أمير المؤمنين، هذا فلان الشاعر فيقول: أنشد، حتى كنت آخر من بقي. فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، هذا إبراهيم بن هرمة [6] ، فسمعته يَقُولُ: لا مرحبا ولا أهلا، ولا أنعم الله بِهِ عيشا [7] ، فقلت: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156، ذهبت والله نفسي ثم رجعت إلى نفسي، فقلت: يا نفس هذا موقف إن لم تشتدي [8] فيه هلكت، فقال أبو الخصيب: أنشد. فأنشدته:
سرى ثوبه عنك الصبى المتخايل ... وقرب للبين الخليط المزايل
[9]
حتى انتهيت إلى قولي:
فأما [1] الذي أمنته يأمن الردى ... وأما [2] الذي حاولت بالثكل ثاكل
/ فَقَالَ: يا غلام، ارفع عني الستر فرفع، فإذا وجهه كأنه فلقة قمر، ثم قَالَ: تمم القصيدة. فلما فرغت قَالَ: ادن. فدنوت، ثم قَالَ: اجلس، فجلست، وبين يديه مخصرة فَقَالَ: يا إبراهيم، قد بلغني عنك أشياء لولاها لفضلتك على نظرائك، فأقر لي بذنوبك أعفها عنك [3] . فقلت: هذا رَجُل فقيه عالم، وإنما يريد أن يقتلني بحجة تجب عليَّ فقلت: يا أمير المؤمنين، كل ذنب بلغك مما عفوته عني فأنا مقرّ به.
فتناول المخصرة فضربني بها، فقلت:
أصبر من ذي ضاغط عركرك ... ألقى بواني زوره للمبرك
[4] ثم ثنى [5] فضربني، فقلت:
أصبر من عود بجنبيه جلب ... قد أثر البطان فيه والحقب
فَقَالَ: قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم، وألحقتك بنظرائك من طريح بن إِسْمَاعِيل، ورؤبة بْن العَجَّاج ولئن بلغني عنك أمر أكرهه لأقتلنك. قُلْتُ: نعم، وأنت في حل [وسعة] [6] من دمي إن بلغك أمر تكرهه. قال ابن هرمة: فأتيت المدينة. فأتاني رجل من الطالبيين، فسلم عليّ فقلت: تنح عني لا تشيط بدمي [7] .
أخبرنا القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد [بن علي] الخطيب، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ الحسن المخزومي، حدثنا أبو بكر الصولي، حدثنا محمد بن زكريّا الغلابي، عن أحمد بن عيسى [1] وذكر ابن هرمة/ قَالَ- وكان متصلا بنا- وهو القائل فينا:
ومهما ألام على حبهم ... فإني أحب [2] بني فاطمة
بني بنت من جاء بالمحكما ... ت وبالدين والسنة القائمه
فلست أبالي بحبي لهم ... سواهم من النعم السائمه
فقيل له في دولة بني الْعَبَّاس: ألست القائل كذا. وأنشده هذه الأبيات، فَقَالَ:
أعض اللَّه قائلها بهن أمه، فقال له من يثق بِهِ: ألست قائلها؟ قَالَ: بلى [3] ، ولكن أعض بهن أمي خير من أن أقتل [4] .
أخبرنا القزاز قَالَ: أخبرنا الخطيب قَالَ: [حدثنا أبو جعفر محمد بن علان الوارق، حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن حمَّاد قال: حدثنا هاشم بن محمد بن هارون الخزاعي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قريب] [5] ابن أخي الأصمعي، عن عمه قَالَ: قال لي رجل من أهل الشّام: قدمت المدينة فقصدت منزل إبراهيم [6] بن هرمة، فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين، فقلت لها: ما فعل أبوك؟ قالت: وفد إلى بعض الأجواد، فما لنا به علم منذ مدة. فقلت: انحري لنا ناقة، فإنا أضيافك. قالت: والله ما عندنا ناقة. قُلْتُ: فشاة. قالت: والله ما عندنا. قُلْتُ: فدجاجة، قالت: والله ما عندنا.
قُلْتُ: فأعطينا بيضة. قالت: والله ما عندنا. قتل: فباطل ما قال أبوك:
كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهل الشؤبوب أو جمل
/ قالت: فذلك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء [1] .
قال الأخفش: قال لنا ثعلب مرة: إن الأصمعي قال: ختم الشعر بإبراهيم [2] بن هرمة، وهو آخر الحجج [3] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید