المنشورات

مروان بن سليمان [بن يحيى] بن أبي حفصة، أبو الهيذام. وقيل: أبو السمط

واسم أبي حفصة: يزيد، وكان من سبي اصطخر، سبي غلاما فاشتراه عثمان بن عفان، فوهبه لمروان [بن الحكم] [3] / فأعتقه يوم الدار، لأنه أبلى يومئذ بلاء [4] حسنا.
وقيل: إن أبا حفصة كان طبيبا يهوديا أسلم على يد عثمان بن عفان. وقيل: على يد مروان بن الحَكَم [5] .
كان مروان بن سليمان شاعرا مجيدا، ومدح المهدي والرشيد ومعن بن زائدة.
وقال الكسائي: إنما الشعر سقاء تمخض، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة [6] .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر أحمد بن علي] [7] الخطيب قال:
أخبرني أبو علي الجازري قَالَ: حدثنا المعافى قَالَ: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بن أبي سعد قَالَ: حدثنا عبد الله بن موسى بن حمزة قَالَ: حدثني أحمد بن مُوسَى قَالَ: حدثنا الفضل بن بزيع [8] قَالَ: رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن [بن زائدة] فمدحه بأبيات، فَقَالَ: من أنت؟ قَالَ:
شاعرك مروان بن أبي حفصة. فقال لَهُ: ألست تَقُولُ:
أقمنا باليمامة بعد معن ... مقاما ما نريد به زيالا
وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا
قد جئت تطلب نوالنا، وقد ذهب النوال [1] فلا شيء لك عندنا، جروا برجله.
فجر برجله [2] حتى أخرج. فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء.
وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء [3] في كل عام مرة، فمثل بين يديه فأنشده:
طرقتك زائرة فحي خيالها
إلى أن بلغ [منها] [4]
شهدت من الأنفال آخر آية ... بتراثهم فأردتم أبطالها/
فجعل المهدي يتزاحف عن مصلاه إعجابا بقوله، ثم قَالَ: كم هي بيتا؟ قال:
مائة بيت. فأمر له بمائة ألف درهم، فلما أفضت الخلافة إلى الرشيد أنشده فقال: ألست القائل في معن كذا وكذا؟ وذكر البيتين، ثم أمر بإخراجه، فتلطف حتى عاد ودخل بعد يومين، فأنشده قصيدة، فأمر له بعدد أبياتها ألوفا [5] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب [قَالَ: أَخْبَرَنَا] [6] الأزهري قَالَ: أخبرنا أَحْمَد بْن إبراهيم، حَدَّثَنَا إبراهيم [7] بْن مُحَمَّد بن عرفة قَالَ: حدثني عبد الله بن إِسْحَاق بن سلام قَالَ: خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم، فمر بزمن، فسأله فأعطاه ثلثي درهم، فقيل لَهُ: هلا أعطيته درهما؟ فَقَالَ: لو أعطيت مائة ألف لأتممت له درهما.
قَالَ: وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره [8] ، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام [9] .
أنبأنا محمد بن عبد الملك، عن أبي محمد الجوهري قَالَ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني قَالَ: أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم، عن أبيه قَالَ [1] : حدثني ابن مهرويه قَالَ: حدثني علي بن محمد النوفلي قَالَ: سمعت أَبِي يَقُولُ: كان المهدي يعطي ابن أَبِي حفصة وسلما الخاسر عطية واحدة، وكان سلم يأتي باب المهدي على برذون قيمته عشرة آلاف درهم، ولباسه الخز والوشي والطيب يفوح منه، ويجيء مروان/ وعليه فرو وكل [2] وقميص كرابيس، وكساء غليظ، وكان لا يأكل اللحم بخلا حتى يقدم إِلَيْهِ، فإذا قدم [إليه] [3] أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله، فقيل لَهُ: نراك لا تأكل إلا الرءوس. فَقَالَ: الرأس أعرف شعره فآمن خيانة الغلام، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه، وآكل منه ألوانا: آكل [4] عينيه لونا، وأذنيه لونا، وغلصمته لونا، ودماغه لونا، وأكفى [5] مئونة طبخه، فقد اجتمعت لي فيه مرافق.
قال المرزباني: وحدثني أحمد بن عيسى الكرخي قَالَ: حدثنا أبو العيناء قَالَ:
كان مروان بن أبي حفصة [6] من أبخل النَّاسَ، خرج يريد المهدي، فقالت له امرأة من أهله: ما لي عليك إن رجعت بالجائزة؟ قال: إن أعطيت [7] مائة ألف درهم أعطيتك درهما، فأعطى ستين ألفا، فدفع إليها أربعة دوانيق.
توفي مروان في هذه السنة ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید