المنشورات

عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس

روى عن أَبِيهِ، ولد سنة أربع ومائة، وكان عظيم الخلق، وكانت فيه عجائب:
منها: أنه حج يزيد بن معاوية سنة خمسين، وحج [8] عبد الصمد بالناس [9] سنة خمسين ومائة. كذلك ذكره أبو بكر الخطيب.
وقال الزبير بن بكار: حج يزيد بالناس [10] سنة خمسين، وعبد الصمد سنة خمسين إحدى ومائة [11] وكان بين حجهما [مائة سنة على قول الخطيب، وهما في النسب إلى عبد مناف سواء، لأن يزيد هو ابن معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وعبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف] [1] .
ومنها: أنه ولد سنة أربع ومائة، وتوفي سنة خمس وثمانين.
وولد أخوه محمد بن علي سنة ستين، وكانت بينه وبين أخيه في المولد أربع وأربعون [2] سنة.
وتوفي محمد بن علي سنة ست وعشرين، وتوفي عبد الصمد سنة خمس وثمانين، وكان بينهما في الوفاة تسع وخمسون سنة [3] .
ومنها: أنه ولد عبد الله بن الحارث على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو وعبد الصمد إلى عبد مناف سواء.
ومنها: أنه أدرك [أبا] [4] العباس وهو ابن أخيه، وأدرك المنصور وهو ابن أخيه، ثم أدرك [5] المهدي وهو عم أَبِيهِ، ثم أدرك الهادي وهو عم جدّه، / ثم أدرك الرشيد.
وقال يوما للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذا مجلس فيه أمير المؤمنين، وعم أمير المؤمنين، وعم عمه، وعم عم عمه، وذلك أن سليمان بن جعفر عم الرشيد.
والعباس بن محمد بن علي عم سليمان، وعبد الصمد عم الْعَبَّاس.
ومنها: أنه مات بأسنانه التي ولد بها ولم تتغير، وكانت أسنانه قطعة واحدة من أسفل [6] .
ومنها: أنه طارت ريشتان إلى عينيه فذهب بصره [7] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ [1] قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
حدثني عبد العزيز بْن عَلي الوراق قَالَ: حدثنا أبو موسى هارون بن عيسى [2] الخطيب قَالَ: حدثنا إبْرَاهِيم بن عَبْد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام قَالَ: حدّثني أبي قال: حدّثنا جدي [3] محمد بن إبراهيم الإمام- وكان يجلس لولده وولد ولده في كل يوم خميس يعظهم ويحدثهم- قَالَ: أرسل إلي المنصور بكرة واستعجلني الرَّسُول فدخلنا، فإذا الربيع واقف عند الستر، وإذا المهدي ولي العهد في الدهليز جالس، وإذا عبد الصمد بن عليّ، وداود بن عليّ، وإسماعيل بن عليّ [وسليمان بن عليّ] [4] ، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وعبد الله بن حسن بن حسن، والعباس بن مُحَمَّد، فقال الربيع: اجلسوا مع بني عمكم فجلسنا، ثم دخل الربيع وخرج، وقَالَ للمهدي: ادخل أصلحك الله. ثم خرج، فَقَالَ: ادخلوا جميعا. [فدخلنا] [5] فسلمنا، وأخذنا/ مجالسنا، فقال للربيع: هات دوى وما يكتبون فيه. فوضع بين يدي كل واحد منا دواة وورق، ثم التفت إلى عَبْد الصمد بن عليّ فَقَالَ: يا عم، حدث ولدك واخوتك [6] ، وبني أخيك بحديث البر والصلة.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ [7] : حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْبِرَّ وَالصِّلَةِ لَيُطِيلانِ فِي الأَعْمَارِ، وَيُعَمِّرَانَ الدِّيَارَ، وَيُثْرِيَانِ الأَمْوَالَ، وَلَوْ كَانَ الْقَوْمُ فُجَّارًا» . ثُمَّ قَالَ: يَا عَمِّ، الْحَدِيثَ الآخر.
فقال عبد الصمد: حدثني أبي، عن جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْبِرَّ وَالصِّلَةَ لَيُخَفِّفَانِ سُوءَ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِينَ 13: 21
يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ 13: 21 [1] .
فقال المنصور: يَا عَمِّ، الْحَدِيثَ الآخَرَ.
فَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي [2] ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكَانِ أَخَوَانِ عَلَى مَدِينَتَيْنِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا بَارًّا بِرَحِمِهِ، عَادِلا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَكَانَ الآخَرُ عَاقًّا بِرَحِمِهِ، جَائِرًا عَلَى رَعِيَّتِهِ، وَكَانَ فِي عَصْرِهِمَا نَبِيٌّ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِ هَذَا الْبَارِّ ثَلاثُ سِنِينَ، وَبَقِيَ مِنْ هَذَا [3] الْعَاقِّ ثَلاثُونَ سَنَةً. قَالَ: فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ رَعِيَّةَ هَذَا وَرَعِيَّةَ هَذَا، فَأَحْزَنَ ذَلِكَ رَعِيَّةَ الْعَادِلِ، وَأَحْزَنَ ذَلِكَ رَعِيَّةَ الْجَائِرِ، قَالَ: فَفَرَّقُوا بَيْنَ الأَطْفَالِ/ وَالأُمَّهَاتِ، وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَخَرَجُوا إِلَى الصَّحْرَاءِ يَدْعُوَن اللَّهَ أَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِالْعَادِلِ، وَيُزِيلَ عَنْهُمْ أَمْرَ الْجَائِرِ [فَأَقَامُوا ثَلاثًا،] [4] فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ أَنْ أَخْبِرْ عِبَادِي أَنِّي قَدْ رَحِمْتُهُمْ، وَأَجَبْتُ دُعَاءَهُمْ، فَجَعَلْتُ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِ هَذَا الْبَارِ لِذَلِكَ الْجَائِرِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِ الْجَائِرِ لِهَذَا الْبَارِ [5] . قَالَ: فَرَجِعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَمَاتَ الْعَاقُّ لِتَمَامِ الثَّلاثِ سِنِينَ، وَبَقِيَ الْعَادِلُ فِيهِمْ ثَلاثِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ 35: 11 [6] .
ثم التفت المنصور إلى جعفر بن مُحَمَّد، فَقَالَ: يا أبا عبد اللَّه حدث بني عمك وأخوتك [7] بحديث أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْه] [8] عن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم في البر.
فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مَلِكٍ يَصِلُ رَحِمَهُ وَذَا قُرْبَتِهِ وَيَعْدِلُ فِي رَعِيَّتِهِ إِلا شَيَّدَ اللَّهُ مُلْكَهُ، وَأَجْزَلَ لَهُ ثَوَابَهُ، وَأَكْرَمَ مَا بِهِ، وَخَفَّفَ حِسَابَهُ» . توفي عبد الصمد في هذه السنة بالجدري، وصلى عليه الرشيد ليلا، ودفن في باب البردان، وله إحدى وثمانون سنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید