المنشورات

إبراهيم بن ماهان بن بهمن، أبو إسحاق، المعروف بالموصلي

وهو من أرجان، ينسب إلى ولاء الحنظليين، وأصله من الفرس. خرج أبوه من أرجان بأمه وهي حاملة بِهِ، فقدم الكوفة فولدته سنة خمس وعشرين ومائة، وصحب بالكوفة فتيانا في طلب الغناء، فاشتدت عليه أخواله في ذلك، فخرج إلى الموصل، ثم عاد إلى الكوفة، فقال لَهُ أخواله: مرحبا بالفتى الموصلي، ونظر في الأدب، وقال الشعر: واتصل بالخلفاء والملوك.
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر أحمد بْن علي بْن ثابت] [1] الخطيب قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن عبد العزيز الطاهري قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بْن عَبْد اللَّه بْن المغيرة الجوهري قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سَعِيد [2] الدمشقي قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرِ بْن بكار قَالَ: حدثني إسحاق الموصلي، عن أبيه إبْرَاهِيم قَالَ: جاءني غلامي فَقَالَ: بالباب رجل حائك يطلب عليك الأذن. فقلت: ويلك! ما لي وللحائك؟ قَالَ: لا أدري غير أنه حلف بالطلاق أنه لا ينصرف/ حتى يكلمك لحاجته. فقلت: ائذن لَهُ. فدخل، فقلت:
ما حاجتك؟ قَالَ: جعلني الله فداك، أنا رجل حائك كان بالأمس جماعة من أصحابي وأنا تذاكرنا الغناء والمقدمين فيه، فأجمع من حضر أنك رأس القوم وبندارهم [3] وسيدهم فيه، فحلفت بطلاق ابنة عمي أعز الخلق علي، ثقة مني بكرمك على أن تشرب عندي غدا وتغنيني، فإن رأيت- جعلني الله فداك- أن تمن على عبدك بذلك.
فقلت لَهُ: أَيْنَ منزلك؟ قَالَ في دور الصحابة. قلت: فصف للغلام موضعه.
فلما صليت الظهر مضيت، فلما دخلت قام لي الحاكة وأكبوا عليّ، فقبلوا [4] أطرافي، وعرضوا عليّ الطعام، فقلت: قد تقدمت في الأكل، وقلت لَهُ: اقترح. فقال لي الحائك: غنني [5] بحياتي:
يقولون لي لو كان بالوصل [6] لم تمت ... نسيبة [7] والطراق يكذب قيلها
فغنيت، فَقَالَ: أحسنت والله، جعلني الله فداك. ثم قُلْتُ: اقترح. فَقَالَ: غنني بحياتي:
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي ... وردّا على عينيّ فضل ردائيا
فغنيت، فَقَالَ: أحسنت والله، جعلني الله فداك. فقلت: اقترح. فَقَالَ غنني بحياتي:
أحقا عباد الله أن لست واردا ... ولا صادرا إلا علي رقيب
/ فقلت: يا بن اللخناء، [أنت] [1] بابن سريج أشبه منك بالحاكة، ثم قلت: والله إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك. ثم انصرفت، وجاء رسول الرشيد يطلبني، فمضيت من فوري [ذلك] [2] فدخلت على الرشيد، فَقَالَ: أين كنت يا إبْرَاهِيم؟ فقلت: ولي الأمان؟ فَقَالَ: ولك الأمان [، فحدثته] [3] فضحك وقَالَ: هذا أنبل حائك على وجه الأرض، والله لقد كرمت في أمره وأحسنت في إجابته. وبعث إلى الحائك فاستنطقه وسأله، فاستطابه [4] واستظرفه، وأمر له بثلاثين ألف درهم [5] .
توفي إبراهيم في هذه السنة، وقال في ذَلِكَ:
مل والله طبيبي ... من مقاساة الذي بي
سوف أنعى عن قريب ... لعدو وحبيب
ويقال: مات سنة ثلاث عشرة ومائتين. والأول أصح. ووجد له من المال أربعة وعشرين ألف ألف درهم.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید