المنشورات

إسحاق بن عبد الرحمن بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري

من أهل المدينة، سكن بغداد، وكان له قدر عند الخلفاء والأمراء، وأبوه عَبْد الرَّحْمَن [1] كان [2] يقال لَهُ: عزيز، وكان إسحاق في صحابة المهدي، والهادي، والرشيد وهلك/ في خلافته، وكان موصوفا بالصفاء والجود، حتى قال الشاعر الهيصبي [3] فيه ولأخيه يعقوب:
نفى الجوع عن بغداد إسحاق ذو الندى ... كما قد نفى جوع الحجاز أخوه
وما يك من خير أتوه فإنما ... فعال غرير قبلهم ورثوه
فأقسم لو ضاف الغريري بغتة ... جميع بني حواء ما حفلوه [4]
هو البحر بل لو حل بالبحر وفده ... ومن يجتديه [5] ساعة نزفوه
[6] أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي الحافظ، أخبرنا علي بن أبي علي، حدثنا محمد بن عبد الرَّحْمَن وأحمد بن عبد اللَّه قالا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ، حدثنا أبو عزية [7] محمد بن موسى الأنصاري قال:
كان إسحاق بن غرير معجبا بعبادة جارية المهلبية، وكانت الجارية منقطعة إلى الخيزران أم المؤمنين، وهي ذات منزلة عندها/ قَالَ: فركب يوما عبد الله بن مصعب بن الزبير وإسحاق بن غرير إلى المهدي، وكانا يأتيانه في كل عشية إذا صلى الناس العصر، فيقيمان معه إلى أن ينقضي سمره، فلقيا يوما عبادة في طريقهما، فقال إسحاق بن غرير لعبد الله بن مصعب: يا أبا بَكْر، هذه عبادة التي كنت تسمعني أذكرها. وركض دابته حتى استقبلها، فنظر إليها، ثم رجع. فضحك عبد الله بن مصعب مما صنع. ثم مضيا فدخلا على أمير المؤمنين المهدي، فحدثه عبد الله بن مصعب حديث إسحاق بن غرير وعبادة، وما كان منه في أمرها تلك العشية، فقال لإسحاق: أنا أشتريها لك. وقام فدخل على الخيزران، فَقَالَ: أين المهلبية؟ فأمرت بها فدعيت لَهُ، فَقَالَ [لها] [1] : أتبيعيني عبادة بخمسين ألف درهم؟ فقالت: يا سيدي، إن كنت تريدها لنفسك فبها- فداك اللَّه- فَقَالَ: إنما أريدها لإسحاق بن غرير. فبكت وقالت: يدي ورجلي ولساني في حوائجي تنزعها مني لإسحاق بن غرير. فقالت الخيزران [2] : ما يبكيك؟ لا يقدر والله إسحاق عليها. وقالت للمهدي: صار ابن غرير يتعشق جواري الناس. فخرج المهدي فأخبر عليها. وقالت للمهدي: صار ابن غرير يتعشق جواري الناس. فخرج المهدي فأخبر إسحاق الخبر، وأمر له بخمسين ألف درهم، فأخذها، فقال في ذلك أبو العتاهية/:
من صدق الحب لأحبابه ... فإن حب ابن غرير غرور
أنساه عباده ذات الهوى ... وأذهل الحب لديه الضمير
خمسون ألفا كلها وازن ... [خشن] [3] لها في كل كيس صرير
وقال أبو العتاهية في ذلك أيضا:
حبك المال [4] لا كحبك [5] عبادة ... يا فاضح المحبّينا [6]
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد الكاتب قَالَ: حدثني جدي محمد بن عبيد الله بن قفرجل، حدثنا محمد بن يحيى النديم قَالَ: أنشدنا أحمد بن يحيى قَالَ: أنشدني الزبير لمنكف- وهو من ولد زهير بن أَبِي سلمى- يرثي إسحاق بن غرير:
[بكت العيون فأقرحت أجفانها ... عبراتها جزعا على إسحاق] [1]
فلئن بكت جزعا عليه فقد بكت ... حزنا [2] عليه مكارم الأخلاق
يا خير من بكت المكارم فقده ... لم يبق بعدك للمكارم باق
لو طاف في شرق البلاد وغربها ... لم يلق إلا حامدا للاقي
ما بث من كرم الطبائع ليلة ... إلا لعرضك من نوالك واق
بخلت بما حوت الأكف وإنما ... خلق الإله يديك للإنفاق





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید