المنشورات

محمد بن الحسن بن فرقد، أبو عبد الله الشيباني مولاهم، صاحب أبي حنيفة

أصله دمشقي من قرية هناك، قدم أبوه العراق فولد محمد بواسط في سنة اثنتين وثلاثين، ونشأ بالكوفة وسمع العلم بها من أبي حنيفة، ومسعر، والثَّورِي، وعمر بن ذر، ومالك بن مِغْوَل، وكتب عن مالك بن أنس رضي الله عَنْهُمَا، والأوزاعي، وأبي يوسف القاضي.
سكن بغداد وحدث بها، وغلب عليه الرأي، وبلغ فيه الغاية. وروى عنه:
الشافعي، وأبو عُبَيْد/ وجماعة.
وخرج إلى الرقة، والرشيد بها، فولاه قضاء الرقة، ثم عزله [5] فقدم بغداد، فلما خرج الرشيد إلى الري خرج معه، فمات بالري.
وكان يَقُولُ: ترك أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفا على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفا على الحديث والفقه.
وكان يقول لأهله: لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبي، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلي، فإنه أقل لهمي، وأفرغ لقلبي [1] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أخبرنا رضوان بن محمد الدينَوَريّ قال: سمعت الحسين [2] بن جعفر العنزي [3] يَقُولُ: سمعت أبا بكر بن المنذر يَقُولُ:
سمعت المُزَني يَقُولُ [4] : سَمِعْتُ الشافعي يَقُولُ: ما رأيت سمينا أخف روحا من محمد بن الحَسَن، وما رأيت أفصح منه، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن أنزل بلغته [5] .
وفي رواية عن الشافعي: أنه قَالَ: ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن، وحملت عنه وقر بختي كتبا [6] .
وقال رجل للشافعي: في أي مسألة خالفك الفقهاء؟ فقال الشافعي: وهل رأيت فقيها قط، اللَّهمّ إلا أن يكون محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب [7] .
قال الطحاوي: وكان الشافعي قد طلب من محمد بن الحسن كتاب [السير] [8] فلم يجبه إلى الإعارة، فكتب إِلَيْهِ:
قل للذي لم تر ... عين من رآه مثله
حتى كأن من رآه ... قد رأى من قبله
العلم ينهى أهله ... ان يمنعوه أهله
لعله يبذله ... لأهله لعله
/ فوجه به إليه في الحال هدية لا عارية.
وقال إبراهيم الحربي: قلت لأحمد بن حنبل: هذه المسائل الدقاق من أين لك؟
قَالَ: من كتب محمد بن الحَسَن [1] .
قال أحمد: وكان يذهب مذهب جَهْمُ [2] .
وكذلك قال أبو زُرْعة: كان محمد بن الحسن جهميا [3] .
قال نوح بن ميمون: دعاني محمد بن الحسن إلى القول بخلق القرآن، فأبيت عَلَيْهِ [4] .
أخبرنا أبو منصور، أخبرنا أبو بكر الحافظ، أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال:
سألت الدارقطنيّ عن محمد بن الحَسَن فَقَالَ: قال يحيى بن معين: كذاب.
وقال فيه أَحْمَد نحو هذا. وعندي لا يستحق التُّرْكُ [5] .
وقال علي بن المديني: محمد بن الحسن صَدُوق [6] .
توفي محمد بن الحسن بالري في صحبة الرشيد سنة تسع وثمانين ومائة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
قال أبو عمر الزاهد: سمعت أحمد بن يحيى يَقُولُ: توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد، فقال الرشيد: دفنت اليوم اللغة والفقه [7] .
قال أبو عبد الله محمد بن يوسف بن درست: مات محمد بن الحسن والكسائي في يوم واحد، ومات معروف الكرخي في يوم واحد وأبو نواس، ومات ابن دريد وأبو هاشم بن علي الجبائي في يوم واحد، ومات الشبلي، وعلي بن عيسى الوزير في يوم واحد، ودفنا جميعا بالخيزرانية [1] ومات محمد بن داود الأصفهاني ويوسف بن يعقوب القاضي في يوم واحد، ومات القاضيان أبو حسان الزيادي- وكان على قضاء الشرقية- والحسن بن الجعد-/ وكان على مدينة المنصور- في يوم واحد، ومات أبو العتاهية والعباس بن الأحنف وإبراهيم الموصلي في يوم واحد.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید