المنشورات

العباس بن الأحنف بن الأسود بن طلحة، أبو الفضل الشاعر

كان من عرب خراسان ومنشأة بغداد، وكان طريفا مقبولا حسن الشعر.
عن محمد بن يحيى قَالَ: سمعت عبد الله بن المعتز يَقُولُ: لو قيل لي: ما أحسن شعر تعرفه لقلت شعر العباس بن الأحنف:
قد سحب الناس أذيال الظنون بنا ... وفرق الناس فيها قولهم فرقا
فكاذب قد رمى بالظن غيركم ... وصادق ليس يدري أنه صدقا
أخبرنا القزاز، أخبرنا أبو بكر بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني [7] ، حدثنا محمد بن القاسم الأنباري، حدّثنا أَبِي، حدثنا عبد الله بن أبي سعد، حدثنا عبد الله بن الربيع قَالَ: قال هارون الرشيد في الليل بيتا وأراد أن يشفعه بآخر فامتنع القول عليه، فَقَالَ: علي بالعباس بن الأحنف، فلما طرق ذعر وفزع أهله، فلما وقف بين يدي الرشيد/ قَالَ: وجهت إليك لبيت قلته، ورمت أن اشفعه بمثله فامتنع القول علي. فَقَالَ: يا أمير المؤمنين، دعني حتى ترجع إليّ نفسي، فإنّي تركت عيالي على حال من القلق عظيمة، ونالني من الخوف ما يتجاوز الحد والوصف. فانتظر هنية، ثم أنشده:
جنان قد رأيناها ... ولم نر مثلها بشرا
فقال العباس:
يزيدك وجهها حسنا ... إذا ما زدته نظرا
فقال له الرشيد: زدني.
فقال الْعَبَّاس:
إذا ما الليل مال عليك ... بالظلماء [1] واعتكرا
ودج فلم تر قمرا ... فأبرزها ترى القمرا
فقال له الرشيد: قد ذعرناك وأفزعنا عيالك، وأقل الواجب أن نعطيك دينك فأمر له بعشرة آلاف درهم، وصرفه [2] .
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن الزُّهْرِيّ، حَدَّثَنَا محمد بن القاسم الشطوي، حدثنا أحمد بن عبيد قَالَ: سمعت الأصمعي يَقُولُ:
بينا أنا قاعد يوما في مجلس بالبصرة، فإذا أنا بغلام أحسن الناس وجها وثوبا، واقف على رأسي، فَقَالَ: إن مولاي يريد أن يوصي إليك، فأخذ بيدي حتى أخرجني إلى الصحراء، فإذا بالعباس بن الأحنف ملقى على فراشه، وإذا هو يجود بنفسه وهو يَقُولُ:
يا بعيد الدار عن وطنه ... مفردا يبكي على شجنه
كلما جد النجيب [3] به ... زادت [4] الأسقام في بدنه

ثم أغمي عَلَيْهِ، فانتبه بصوت طائر على شجرة، وهو يَقُولُ:
ولقد زاد الفؤاد شجى ... هاتف يبكي على فننه
شاقه ما شاقني فبكى ... كلنا يبكي على سكنه
ثم أغمي عَلَيْهِ، وظنناها مثل الأولى، فحركته فإذا هو ميت [1] .
توفي العباس بن الأحنف في قول إبراهيم بن العباس الصولي في هذه السنة.
وقال عمر بن شبة: توفي سنة ثمان وثمانين. وقال غيره: بقي بعد الرشيد.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید