المنشورات

حفص بن غياث بن طلق، أبو عمر الكوفي

سمع عبيد الله بن عمر العمري، وهشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبا إسحاق الشيباني، وسليمان الأعمش، وجعفر بن محمد بن علي، وليث بن أبي سُلَيْم، وداود بن أبي هند، والحسن بْن عبد الله، وأشعث بن عبد الملك، وأشعث بن سوار، وابن جُرَيْج، ومسعر بن كدام، والثوري.
روى عَنْه: ابنه عمر، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المدني، وأبو خيثمة، والحسن بن عرفة، وابن راهويه، وعامة الكوفيين.
وولي حفص القضاء ببغداد وحدث بها، ثم عزل وولي قضاء الكوفة.
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أنبأنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، وأبو الحسن أحمد بن عمر بن روح النهرواني- قَالَ طاهر حدثنا، وقال أَحْمَد أنبأنا- المعافى بن زكريا الْجُرَيْرِي، حدثنا محمد بن مخلد بن جعفر العطار، حدثني أبو علي بن علان، حدثني يحيى بن الليث قَالَ: باع رجل من أهل خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم من مرزبان المجوسي وكيل أم جعفر فمطله بثمنها وحبسه، فطال ذلك على الرجل، فأتى بعض أصحاب حفص بن غياث فشاوره، فقال: اذهب إليه فقل له أعطني ألف درهم وأحيل عليك بالمال الباقي، وأخرج إلى خراسان، فإن فعل هكذا فالقني حتى أشير عليك. ففعل الرجل وأتى مرزبان فأعطاه ألف درهم، فرجع إلى الرجل فأخبره فَقَالَ: عد إِلَيْهِ فقل لَهُ: إذا ركبت غدا فطريقك على القاضي تحضر وأوكل رجلا يقبض المال واخرج، فإذا جلس إلي القاضي فادع عليه ما بقي لك من المال، فإذا أقر حبسه حفص وأخذت مالك. فرجع إلى مرزبان فسأله فَقَالَ: انتظرني بباب القاضي. فلما ركب من الغد وثب إليه الرجل فَقَالَ:
إن رأيت أن تنزل إلى القاضي حتى أوكل بقبض المال وأخرج، فنزل مرزبان فتقدما إلى حفص] [1] . / بْن غياث، فقال الرجل: أيد الله القاضي لي على هذا الرجل تسعة وعشرون ألف درهم، فقال حفص: ما تقول يا مجوسي؟ قَالَ: صدق أصلح الله القاضي. قَالَ: ما تقول يا رَجُل، قد أقر لك؟ قال يعطيني مالي. قال حفص للمجوسي:
ما تَقُولُ؟ فَقَالَ: هذا المال على السيدة. قال: أنت أحمق، تقر ثم تقول على السيدة، ما تقول يا رَجُل!؟ فَقَالَ: إن أعطاني مالي وإلا حبسته. قَالَ: ما تقول يا مجوسي؟ قَالَ:
المال على السيدة، قال حفص: خذوا بيده إلى الحبس. فلما حبس بلغ الخبر أم جعفر، فغضبت وبعثت إلى السندي وجه إلي مرزبان فأخرجه، وبلغ حفص الخبر فَقَالَ: أحبس أنَا ويخرج السندي؟ لا جلست مجلسي هذا أو يرد مرزبان إلى الحبس.
فجاء السندي إلى أم جعفر فَقَالَ: الله الله في، إنه حفص بن غياث، وأخاف من أمير المؤمنين أن يقول لي: بأمر من أخرجته؟ رديه إلى الحبس وأنا أكلم حفصا في أمره، فأجابته فرجع مرزبان إلى الحبس، فقالت أم جعفر لهارون: قاضيك هذا أحمق، حبس وكيلي، فمره لا ينظر في هذا الحَكَم، وتولي أمره إلى أبي يوسف. فأمر له بالكتاب، وبلغ حفصا الخبر فقال للرجل: أحضر لي شهودا حتى أسجل لك على المجوسي بالمال فجلس حفص، فسجل على المجوسي، وورد كتاب هارون مع خادم لَهُ، فَقَالَ:
هذا كتاب أمير المؤمنين. فَقَالَ: انظر ما يقال لك، فلما فرغ حفص من السجل أخذ الكتاب من الخادم فقرأه/ فَقَالَ: اقرأ على أمير المؤمنين السلام وأخبره أن كتابه ورد، وقد أنفذ الحَكَم، فَقَالَ الخادم: قد والله عرفت ما صنعت، ما أردت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما تريد، والله لأخبرن أمير المؤمنين بما فعلت. فقال حفص: قل له ما أحببت. فجاء الخادم، فأخبر هارون، فضحك وقال للحاجب: مر لحفص بن غياث بثلاثين ألف درهم. فركب يحيى بن خَالِد واستقبل حفصا منصرفا من مجلس القضاء، فَقَالَ: أيها القاضي، قد سررت أمير المؤمنين اليوم، وأمر لك بثلاثين ألف درهم، فما كان السبب في هذا؟ قَالَ: تمم الله نعم أمير المؤمنين، وأحسن حفظه وكلاءته، ما زدت على ما أفعل كل يوم. قَالَ: ما أعلم إلا أني سجلت عَلَى مرزبان المجوسي بما وجب عَلَيْهِ، فقال: فمن هذا سر أمير المؤمنين. قال حفص: الحمد للَّه كثيرا. فقالت أم جعفر لهارون: لا أنا ولا أنت، إلا أن تعزل حفصا. فأبى عليها، ثم ألحت عَلَيْهِ فعزله عن الشرقية، وولاه قضاء الكوفة، فمكث عليها ثلاث عشرة سنة، وكان أبو يوسف لما ولي حفص قال لأصحابه: تعالوا نكتب نوادر حفص، فلما وردت أحكامه وقضاياه على أَبِي يوسف قال له أصحابه: أين النوادر [1] التي تكتبها؟ قَالَ:
ويحكم إن حفصا أراد الله فوفقه اللَّه [2] .
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: قرأت على الحسن بْن أبي بكر، عن أحمد بن كامل القاضي قال: سمعت محمد بن عثمان يَقُولُ: حدثني أَبِي قَالَ:
سمعت عمر بن حفص يَقُولُ: لما حضرت أبي الوفاة/ أغمي عَلَيْهِ، فبكيت عند رأسه، فأفاق فَقَالَ: ما يبكيك؟ قُلْتُ: أبكي لفراقك، ولما دخلت فيه من هذا الأمر- يعني القضاء- قَالَ: لا تبك، فإني ما حللت سراويلي على حرام قط، ولا جلس بين يدي خصمان فباليت على من توجه الحكم منها [3] .
أنبأنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر بن ثابت، أخبرنا أبو سعد ظفر بن الفرح الخفاف، حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف العلاف، أخبرنا الحسين بن يحيى بن عَبَّاس قَالَ: وجدت في كتاب أخي علي بن يحيى، أخبرنا العباس بن أبي طالب، أخبرنا الحسن بن علي، حَدَّثَني يحيى بن آدم، عن حفص بن غياث قَالَ: ولدت أم محمد بن أبي إسماعيل أربع بنين في بطن، قَالَ: فرأيتهم كلهم قد نيفوا على الثمانين.
أخبرنا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيع، أخبرنا العباس بن أحمد بن موسى أخبرنا أبو علي الطوماري قَالَ: حدثني عبيد بن غنام قال: حَدَّثَني أَبِي قال: مرض حفص خمسة عشر يوما فدفع إلي مائة درهم فقال: امض بها إلى العامل وقل لَهُ: هذه رزق خمسة عشر يوما لم أحكم فيها بين المسلمين لا حظ لي فيها [1] .
توفي حفص بن غياث سنة ست وتسعين ومائة. كذا قال الفلاس، ومحمد بن المثنى.
وقال خليفة بن خياط، ومحمد بن سعد: سنة أربع وتسعين.
وقال عبيد الله بن الصباح: سنة تسع وتسعين.
وقال سلم بن جنادة: سنة خمس وتسعين [2] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید