المنشورات

محمد بن زين بن سُلَيْم، أبو الشيص الشاعر

انقطع إلى عقبة بن جعفر بن الأشعث الخزاعي، وكان أميرا على الرقة، فمدحه [في] [2] أكثر شعره، وكان أبو الشيص سريع الخاطر، الشعر عليه أهون من شرب الماء.
روى أبو بكر الأنباري، عن أبيه، عن أحمد بن عُبَيْد قَالَ: اجتمع مسلم بن الوليد، وأَبُو نواس، وأبو الشيص، ودعبل في مجلس، فقالوا: لينشد كل منكم أجود ما قال من الشعر، فَقَالَ رجل كان معهم: اسمعوا مني أخبركم بما ينشد كل منكم قبل أن ينشد. قالوا: هات. فَقَالَ لمسلم: أما أنت فكأني بك قد أنشدت:
إذا ما علت منا ذؤابة واحد ... وإن كان ذا حلم دعته إلى الجهل
هل العيش إلا أن تروح مع الصبى ... وتغدو صريع الكأس والأعين النجل
قَالَ: وبهذا البيت لقب «صريع الغواني» لقبه به الرشيد. / فقال له مسلم:
صدقت.
ثم أقبل على أبي نواس فقال لَهُ: وكأني بك قد أنشدت:
لا تبك ليلى ولا تطرب إلى هند ... واشرب على الورد من حمراء كالورد
تسقيك من عينها خمرا ومن يدها ... خمرا فما لك من سكرين من بد
فقال لَهُ: صدقت.
ثم أقبل على دعبل فقال لَهُ: كأني بك وقد أنشدت:
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ضل بل هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
فقال لَهُ: صدقت، ثم أقبل على أبي الشيص فقال لَهُ: كأني بك قد أنشدت:
لا تنكري صدي ولا إعراضي ... ليس المقل عن الزمان براضي
فقال لَهُ: لا، ما أردت [أن] [1] أنشد هذا، وليس هذا بأجود شيء قلته. قالوا:
فأنشدنا ما بدا لك. فأنشدهم:
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ كان حظي منك حظي منهم
وأهنتني فأهنت نفسي صاغرا ... يا من أهون عليك ممن أكرم
[2] فقال أبو نواس: أحسنت والله وجودت.
وعمي أبو الشيص في آخر عمره.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید