المنشورات

الفضل بن سهل بن عبد الله، أبو العباس الملقب ذا الرئاستين

كان من أولاد ملوك المجوس، وأسلم أبوه سهل في أيام الرشيد، واتصل بيحيى بن خالد البرمكي، واتصل الفضل والحسن ابنا سهل بالفضل وجعفر ابنا يحيى بن خالد، فضم جعفر بْن يحيى الفضل بن سهل إلى المأمون وهو ولي عهد، وقيل: إن الفضل لما أراد أن يسلم كره أن يسلم على يد الرشيد والمأمون، فصار وحده إلى الجامع يوم الجمعة، فاغتسل ولبس ثيابه، ورجع مسلما، وغلب على المأمون لخلاله الجميلة من الكرم والوفاء والبلاغة والكتابة، فلما استخلف المأمون فوض إليه أموره كلها، وسماه ذا الرئاستين لتدبيره أمر السيف والقلم.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عمر النرسي [3] قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد بن المكتفي باللَّه قال: حَدَّثَنَا/ ابن الأنباري قَالَ: قال رجل للفضل بن سهل اسكتني عن وصفك تساوي أفعالك في السؤدد وحيرني فيها كثرة عددها، فليس [لي] [4] إلى ذكرها جميعها [5] سبيل، وإذا أردت وصف واحدة اعترضت أختها إذ كانت الأولى ليست بأحق في الذكر، فلست أصفها إلا بإظهار العجز عن وصفها [1] .
أخبرنا عبد الرحمن [بن محمد] [2] قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو بشر محمد بن أبي السري الوكيل قَالَ: حدثنا أبو عبيد الله محمد [3] بن عمران المرزباني قال: أخبرني الصولي قال: [أنشدنا ثعلب قال:] [4] أنشدنا إبراهيم بن العباس الصولي لنفسه في الفضل بن سهل:
لفضل بن سهل يد ... تقاصر عنها المثل
فبسطتها للغنى ... وسطوتها للأجل
وباطنها للندى ... وظاهرها للقبل
فأخذه ابن الرومي فقال للقاسم بن عبيد الله:
أصبحت بين خصاصة وتجمل ... والمرء بينهما يموت هزيلا
فامدد إلي يدا تعود بطنها ... بذل النوال وظهرها التقبيلا [5]
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ] [6] قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد بن علي [ابن ثابت] [7] قَالَ: أخبرني أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الواحد المنكدري قَالَ:
حدثني [أبو] [8] أحمد بن عبيد الله بن محمد بن أحمد المنقري قَالَ: أخبرنا الصولي قَالَ: أخبرنا القاسم بن إِسْمَاعِيل قَالَ [9] : حدثني إبراهيم بن العباس الصولي قَالَ: اعتل الفضل بن سهل ذو الرئاستين علة بخراسان ثم برأ، فجلس [1] للناس فهنأوه [2] بالعافية وتصرفوا في الكلام [3] ، فلما فرغوا/ أقبل على الناس فَقَالَ: إن في العلل لنعما ينبغي للعقلاء أن يعرفوها بمحيص الذنوب، وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للتوبة وحض على الصدقة، فنسي الناس ما تكلموا به وانصرفوا بكلام الفضل [4] .
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قَالَ: أخبرني الحسن بن أبي بَكْر قَالَ: كتب إلي محمد بن إبراهيم أن أحمد بن حمدان أخبرهم قَالَ: حدثنا أحمد بن [5] يونس الضَّبُّي قَالَ: حدثنا أبو حسان الزيادي قَالَ: سنة اثنتين ومائتين فيها قتل ذو الرئاستين الفضل بْن سهل [6] يوم الخميس لليلتين خلتا من شعبان بسرخس في الحمام، اغتاله نفر، فدخلوا عليه فقتلوه، فقتل به المأمون عبد العزيز بن عمران الطائي، ومؤنس بن عمران البصري، وخلف بن عمرو البصري، وعلي بن أبي سعيد، وسراجا الخادم [7] .
قال المصنف رحمه الله [8] : وفي رواية أخرى: أنه لما رحل المأمون من مرو ووصل [9] إلى سرخس، شد أربع نفر من خواص المأمون وهم غالب المسعودي، وقسطنطين الرومي، وفرج الديلميّ، وموفق الصقلي على الفضل بن سهل وهو في الحمام فقتلوه وهربوا، وذلك في يوم الجمعة لليلتين [10] خلتا من شعبان هذه السنة، فجعل المأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار، فجاء بهم العباس بن القاسم، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله فأمر بهم فضربت أعناقهم.
وذكر الجاحظ أن عمر الفضل كان إحدى وأربعين سنة وخمسة أشهر.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید