المنشورات

يحيى بن المبارك/ بن المغيرة، أبو محمد العدوي، المعروف باليزيدي صاحب أبي عمرو بن العلاء

حدث عن أبي عمرو وابن جُرَيْج، وأخذ عَن الخليل من اللغة أمرا عظيما، وجلس يوما إلى جانبه، فقال له: احسبني ضيقت عليك؟ فقال الخليل: ما ضاق شيء عن صاحبين، والدنيا ما تسع متباغضين.
وإنما قيل له: اليزيدي، لأنه كان منقطعا إلى يزيد بن منصور الحميري يؤدب ولده، فنسب إِلَيْهِ.
ثم اتصل بالرشيد فجعل المأمون في حجره، وكان يكلم الأمين والمأمون وهما صبيان بكلام بقصيدته تعلم الفصاحة: فأكلا يوما كمأة فتحمرا، فقال لهما اليزيدي:
«فلأكلأكما كمأكما لا سوا أن سوالا سلا» [؟] . [1] .
وكان الرشيد قد وكل بهما خادما يؤدي إليه ما يجري منهما، فمضى إلى الرشيد وقال له: إنه اليوم علمهما كلام الزنجية، فدعاه فَقَالَ: أحسنت الزنجية قط، قَالَ: كذا عرفني الخادم. فقال الخادم: بلى، قد كان ذلك وقت أكل الكمأة، فقال اليزيدي: إنما قلت كذا ليتفصحا، وأنا أفعل مثل هذا كثيرا. فقال الرشيد: لا تلم الخادم، فلولا التقدمة لظننته أنَا بالزنجية.
وكان اليزيدي أحد القراء الفصحاء الشعراء، عالما بلغات العرب، ثقة، وكان يجلس في أيام الرشيد مع الكسائي ببغداد في مسجد واحد يقرئان الناس، وكان الكسائي يؤدب الأمين، واليزيدي يؤدب المأمون/ فأقر الرشيد الكسائي أن يأخذ على الأمين بحرف حمزة، وأمر اليزيدي أن يعلم المأمون حرف أبي عَمْرو.
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد البزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيد السيرافي، قَالَ: أخبرنا محمد بن أبي الأزهر، قَالَ: أخبرنا الزُّبَيْر بن بكار قَالَ: أنشدني: إسحاق بن أبي إبْرَاهِيم، قَالَ: أنشدني أبو محمد اليزيدي:
إذا نكبات الدهر لم تعظ الفتى ... وتفرغ منه، لم تعظه عواذله
ومن لم يؤدبه أبوه وأمه ... تؤدبه روع [2] الردى وزلازله
فدع عنك ما لا تستطيع ولا تطع ... هواك ولا يغلب بحقك باطله
توفي اليزيدي في هذه السنة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید