المنشورات

النضر بن شميل، أبو الحسن المازني المروزي

سكن مرو، وسمع من ابن عون، وعوف، وشعبة، وغيرهم. وكان راوية للشعر، وله المعرفة بالنحو واللغة وأيام النَّاسَ.
توفي بخراسان [في هذه السنة] [4] .
أخبرنا ابن نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ علي بن ميمون قال: أخبرنا عبد الله بن محمد العلوي وأبو الفرج محمد بن أحمد بن علان الشاهد قالا: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عبد الله الهرواني قَالَ: وحدثني أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي قَالَ: وحدثني الزبير بن بكار قَالَ: حَدَّثَني النضر بن شميل قَالَ: دخلت على المأمون بمرو وعلي أطمار مرعبله؟ [5] فقال لي: يا نضر/ تدخل عَلَى أمير المؤمنين في مثل هذه الثياب، فقلت: يا أمير المؤمنين إن حر مرو لا يدفع إلّا بمثل هذه الأخلاق فقال: لا ولكنك متقشف، فتجارينا الحديث، فقال المأمون: حَدَّثَنِي هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابن عباس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ ذَلِكَ سَدَادٌ مِنْ عِوَزٍ» [قُلْتُ: صَدَقَ فُوكَ عَنْ هُشَيْمٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنِي عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا كَانَ فِي ذَلِكَ سَدَادٌ مِنْ عِوَزٍ» . وكان المأمون متكئا] [1] فاستوى المأمون [2] جالسا وقَالَ:
السداد لحن يا نضر، قُلْتُ: نعم ها هنا، وإنما لحن هشيم وكان لحانة، فَقَالَ: ما الفرق بينهما؟ قلت: السداد: القصد [3] في الدين والسبيل. والسداد: البلغة، وكلما سددت به شيئا فهو سداد قَالَ: فتعرف العرب ذَلِكَ، قُلْتُ: نعم، هذا العرجي من ولد عثمان بن عفان يَقُولُ:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... اليوم كريهه وسداد ثغر
قَالَ: فأطرق المأمون مليا ثم قَالَ: قبح الله من لا أدب له، ثم قَالَ: أنشدني يا نضر أخلب بيت للعرب، قُلْتُ: قول ابن بيض يا أمير المؤمنين [4] في الحكم بن مروان:
تقول لي والعيون هاجعة ... أقم علينا يوما فلم أقم
أي الوجوه انتجعت قلت لها ... وأي وجه إلا إلى الحكم
متى يقل حاجبا سرادقه ... هذا ابن بيض بالباب يبتسم
قد كنت أسلمت فيك مقتبلا ... فهات ادخل أعطى سلمي
قال المأمون للَّه درك لكأنما شق لك عن قلبي أنشدني/ أنصف بيت قالته العرب، قلت قول ابن أبي عروبة [المديني] [5] :
إني وإن كان ابن عمي غائبا ... لمزاحم من خلفه وورائه
ومفيده نصري وإن كان أمرأ ... متزحزحا في أرضه وسمائه
وأكون واري سره فأصونه ... حتى يحن علي وقت أدائه [6]
وإذا الحوادث أجحفت بسوامه ... قربت صحيحهما إلى جريان [7]
وإذا دعى باسمي لأركب مركبا ... صعبا قعدت [1] له على سيسائه
وإذا أتى من وجهه بطريقه ... لم أطلع مما وراء خبائه
وإذا ارتدى ثوبا جميلا لم أقل ... يا ليت أن علي فضل ردائه
قَالَ: أحسنت يا نضر، أنشدني الآن أقنع بيت للعرب، فأنشدته قول ابن عبدل [2] :
إني امرؤ لم أزل وذاك من ... الله أديب أعلم الأدبا
أقيم بالدار ما أطمأنت بي الدار ... وإن كنت نازحا طربا
لا أجتري خلة الصديق ولا ... أنفع نفسي شيئا إذا ذهبا
أطلب ما يطلب الكرام من الر ... زق بنفسي وأجمل الطلبا
وأحلب الترة الصفي ولا ... أجهد أخلاف غيرها حلبا
/ إني رأيت الفتى الكريم إذا ... رغبته في صنيعه رغبا
والعبد لا يطلب الفلاة ولا ... يعطيك شيئا إلا إذا رهبا
مثل الحمار الموقع السوء لا ... يحسن مشيا إلا إذا ضربا
ولم أجد عروة الخلائق إلا ... الدين إذ اخترت والحسبا
قد يرزق الخافض المقيم وما ... شد [3] لعيس رجلا ولا قتبا
ويحرم الرزق ذو المطية و ... الرحل ومن لا يزال مغتربا
قَالَ: أحسنت ما شئت يا نضر فعندك ضد هذا، قلت: نعم أحسن منه قَالَ:
هات، فأنشدته:
يد المعروف غيم حيث كانت ... تحملها كفور أو شكور
قَالَ: أحسنت يا نضر، فكتب شيئا لا أدري ما هُوَ [4] ، ثم قَالَ: كيف تقول [5] :
أفعل من [1] التراب [2] ؟ قلت: أترب قَالَ: والطين [3] ، قلت: أطين [4] ، قَالَ: والكتاب ماذا؟ قُلْتُ: مترب ومطين. قال هذه أحسن من الأولى، وكتب لي بخمسين ألف درهم، ثم أمر الخادم أن يأتي به الفضل بن سهل ومضيت معه [فلما قرأ الكتاب] [5] قَالَ: لحنت أمير المؤمنين [يا نضر] [6] قُلْتُ: كلا ولكن هشيما لحانه. فأمر لي بثلاثين ألف درهم [7] ، فخرجت إلى منزلي بثمانين ألف درهم.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید