المنشورات

تولية المأمون طاهر بن الحسين من مدينة السلام إلى أقصى عمل المشرق.

ودخل طاهر عليه/ يوما فبكى المأمون فقال له طاهر: لم تبكي؟ لا أبكى الله عينك، والله لقد دانت لك البلاد وأذعن لك العباد، فصرت إلى المحبة في كل أمرك. فقال:
أبكي لأمر ذكره ذل، وستره حزن، ولن يخلو أحد من شجو، فلما خرج طاهر أنفذ إلى حسين الخادم مائتي ألف درهم، وإلى كاتبه محمد بن هارون مائة ألف درهم [1] ، وسأله أن يسأل المأمون لم بكى. فلما تغدى المأمون قَالَ: يا حُسَين، اسقني [ماء] [2] .
قَالَ: لا والله لا أسقيك حتى تقول لي لم بكيت حين دخل عليك طاهر. قال: يا حسين، وكيف عنيت بهذا حتى سألت عَنْه!؟ قال لغمي بذلك [3] قَالَ: يا حسين، أمر إن خرج [من رأسك] [4] قتلتك قَالَ: يا سيدي، ومتى أخرجت لك سرا؟ قَالَ: إني ذكرت محمدا أخي وما ناله من الذل، فخنقتني العبرة فاستحرت إلى الإفاضة، ولن يفوت طاهر مني ما بكرة. قَالَ: فأخبر حسين طاهرا بذلك، فركب طاهر إلى أحمد بن أبي خالد فقال لَهُ [1] : إن الثناء مني ليس برخيص، وإن المعروف عندي ليس بضائع فغيبني عن عينه، فقال لَهُ: سأفعل وبكر علي غدا [2] . وركب ابن أبي خالد إلى المأمون، فلما دخل قال ما نمت البارحة. قال: ولم يحك؟ قَالَ: لأنك وليت غسان بن عباد خراسان، وهو ومن معه أكلة رأس فأخاف أن يخرج عليه خارج من الترك فتصطلحه.
قال: فمن ترى؟ قال: طاهر بن الحسين فعقد له فشخص/ يوم الجمعة لليلة بقيت من ذي القعدة من سنة خمس [3] .
وفي هذه السنة: ولى المأمون يحيى بن معاذ الجزيرة لما قدم عليه.
وولى عيسى بن محمد بن أبي خالد بلاد [4] أرمينية، وأذربيجان، ومحاربة بابك.
وولى بشر بن داود مصر على أن يحمل إليه في كل سنة ألف ألف درهم [5] .
وولى عيسى بن يزيد الجلوذي [6] محاربة الزط [7] .
وحج بالناس فِي هذه السنة عبيد الله بن الحسن والي الحرمين وقد تقدم ذكره [8] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید