المنشورات

المد الذي غرق منه السواد وكسكر

وقطيعة أم جعفر، وقطيعة العباس فذهبت غلات كثيرة، وامتلأت الآبار، وفسد الزرع [2] ، ووقع الجراد واليرقان [3] .
وفيها: ولى المأمون عبد الله بن طاهر الرقة لحرب نصر بن شبث، ومضر، وذلك أن المأمون دعا عبد الله بن طاهر في رمضان سنة ست- وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع- فقال: يا عبد الله، إني أستخير الله عز وجل منذ شهر، وأرجو [4] أن يخير الله لي، وقد رأيت الرجل يصف ابنه ليطريه لرأيه فيه، وليرفعه، ورأيتك فوق ما قال أبوك فيك، وقد مات يحيى بن معاذ، واستخلف الله [أحمد بن] يحيى [5] ، وليس بشيء، وقد رأيت توليتك مضر ومحاربة [6] نصر بن شبث، فَقَالَ: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين، وأرجو أن يجعل الله عز وجل لأمير المؤمنين الخيرة وللمسلمين/ [7] .
فعقد له وخرج إلى مصر بعد خروج أبيه إلى خراسان.
أخبرنا محمد بن ناصر، قال أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا أبو عمرو [بن حيوية قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بْن الرحمن السُّكري قَالَ: حدثنا أبو عَبْد اللَّهِ] [1] بْن عَمْرو بْن عَبْد الرَّحْمَنِ البلخي قال: حَدَّثَني عبد الله بن يحيى بن فرقد قَالَ: حدثني محمد بن الفضل بن محمد بن منصور قَالَ: لما افتتح عَبْد اللَّه بن طاهر مضر ونحن معه سوغه المأمون خراجها سنة، فصعد المنبر، فلم ينزل حتى أجاز بها كلها ثلاثة آلاف دينار أو نحوها، فقبل أن ينزل أتاه معلى الطائي، وقد أعلموه بما صنع عبد الله بن طاهر [بالناس] [2] في الجوائز، فوقف بين يديه تحت المنبر فَقَالَ: أصلح الله الأمير- وكان واجدا عليه-: أنا معلى الطائي، ما كان من جفاء وغلظة، فلا يغلظ عَلَى قلبك، أصلح الله الأمير، وأنا الذي أقول:
يا أعظم الناس عفوا عند مقدرة ... وأظلم الناس عند الجود بالمال
لو أصبح النيل يجري ماؤه ذهبا ... لما أشرت إلى خزن بمثقال
يغني بما فيه رق الحمد تملكه ... وليس شيء أعاض الحمد بالغالي
تفك باليسر كف العسر من زمن ... إذا استطال على قوم بإقلال
لم يخل كفك من جود لمحتبط ... أو مرهف قاتل من رأس قتال
وما تبث رحيل الخيل في بلد ... إلا عصفن بأرزاق وآجال
هل من سبيل إلى إذن فقد ظمئت ... نفسي إليك فما تروى على حال
إن كنت منك على بال منيت به ... فإن شكرك من حمدي على بال/
ما زلت مقتضبا لولا مجاهرة ... من ألسن خضن في صبري بأقوال
قال: فضحك عبد الله، وسر بما كان منه، فَقَالَ: يا أبا الشمر باللَّه أقرضني عشرة آلاف دينار، فو الله ما أصبحت أملكها، فأقرضه إياها، فدفعها إِلَيْهِ.
وحج بالناس فِي هذه السنة عبيد الله بن الحسن، وهو والي الحرمين [3] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید