المنشورات

سعيد بن وهب، أبو عثمان مولى بني أسامة بن لؤي

كان شاعرا من أهل البصرة، فأكثر القول في الغزل والخمر والمجون، وتصرف مع البرامكة، وتقدم عندهم، ودخل على الفضل بن يحيى يوما وقد جلس للشعراء فجعلوا ينشدونه ويأمر لهم بالجوائز حتى لم يبق منهم أحد ثم التفت إلى سعيد بن وهب كالمستنطق له. فقال له: أيها الوزير، إني ما كنت استعددت لهذه الحال، ولكن قد حضرني بيتان أرجو أن ينوبا عن قصيدة فقال: هاتهما، فرب قليل أبلغ من كثير. فقال:
مدح الفضل نفسه بالفعال ... فعلا عن مديحنا بالمقال [4]
أمروني بمدحه قلت كلا ... كبر الفضل عن مديح الرجال [5]
فطرب الفضل وقال [له] [6] : أحسنت والله وأجدت، ولئن قل القول وندر لقد اتسع المعنى وكثر، ثم أمر له بمثل ما أعطى كل من أنشده يومئذ، وقال: لا خير فيما يجيء بعد بيتيك وقام من المجلس، وخرج الناس لا يتناشدون إلا البيتين [7] ، وكان لسعيد بن وهب عشرة بنين، وعشر بنات.
وحكي عنه من التحرم واللعب أشياء، ثم أنه تاب وتنسك وترك قول الشعر/، وخرق جميع ما عنده منه وأحرقه [1] ، وصار كثير الصلاة وحج على قدميه.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: حج سعيد بن وهب ماشيا فبلغ منه وجهد، فقال:
قدمي اعتورا رمل الكثيب ... واطرقا الآجر من ماء القليب
رب يوم رحتما فيه على ... زهرة الدنيا وفي واد خصيب
وسماع حسن من حسن ... صخب المزهر كالظبي الربيب
فاحسبا ذاك بهذا وأجرا ... وخذا من كل فن بنصيب
إنما أمشي لأني مذنب ... فلعل الله يعفو عن ذنوبي [2]
روينا أن أبا العتاهية كان صديقا لسعيد بن وهب، فلما مات سعيد جاء رجل فسار أبا العتاهية بشيء. فقال له: ما قال لك؟ قال لي: مات سعيد بن وهب، رحم الله سعيد بن وهب:
يا أبا عثمان أبكيت عيني ... يا أبا عثمان أوجعت قلبي
قال: فعجب الناس من طبع أبي العتاهية حيث أراد أن يتكلم فجاء بالكلام شعرا.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید