المنشورات

زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور وتكنى أم جعفر وأمة العزيز

ولدت في زمان المنصور، وكان يرقصها ويقول: أنت زبدة وأنت زبيدة، فغلب ذلك الاسم عليها، وهي زوجة هارون الرشيد، وأم الأمين وليس في بنات هاشم عباسية ولدت خليفة إلا هي، وكان الرشيد [قد] [8] شكى إلى عبد الله بن مصعب الزبيري أن زبيدة لا تحمل منه، فقال: أغرها فإن إبراهيم الخليل [عليه السلام] كانت عنده سارة فلم تحمل منه، فحملت هاجر، فغارت فحملت بإسحاق [عليه السلام] فغارت زبيدة من مراجل، فحملت بالأمين [1] ، وكانت معروفة بالخير والأنفال على العلماء والفقراء، ولها آثار كثيرة في طريق مكة، والمدينة، والحرمين، وساقت الماء من أميال حتى غلغلته بين الحل والحرم، ووقفت أموالها على عمارة الحرمين.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن سليمان قال: حدثنا هارون بن سليمان قال: أخبرنا رجل من ثقيف يقال له:
محمد بن عبد الله قال: سمعت إسماعيل بن جعفر بن سليمان يقول: حجت أم جعفر فبلغ إنفاقها [2] في ستين يوما: أربعة وخمسين ألف ألف [دينار] [3] ورفع إليها وكيلها حساب النفقة/ فنهته [عن ذلك] [4] ، وقالت له [5] : ثواب الله بغير حساب.
وبلغنا أن وكيل أم جعفر حبس رجلا كان ينظر في ضياعها، فأخذ من ارتفاعها مالا يبلغ مائتي ألف درهم، فبعث المحبوس إلى صديقين له يسألهما سؤال الوكيل في أمره، فلقيهما الفيض بن أبي صالح، فقال: إلى أين؟ قالا: نمضي [6] إلى كذا وكذا، فقال:
أتحتاجان أن أساعدكما، قالا: نعم، فمضى معهما وكتب الوكيل إلى أم جعفر يخبرها بالحال، فقالت [7] : لا سبيل إلى إطلاقه حتى يؤدي ما عليه، فعزما على النهوض، فقال الفيض: كأننا إنما جئنا لنؤكد حبس [8] الرجل [وأخذ الدواة] [9] وكتب إلى وكيله بأداء المال، فكتب وكيل أم جعفر إليها بالحال، فوقعت على ظهر رقعته: نحن أولى بهذه المكرمة من الفيض، فاردد إليه حظه وسلم إليه الرجل.
أخبرنا عبد الوهاب [1] بن المبارك قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال:
أخبرنا أبو الطيب الطبري قال: حدثنا المعافى بن زكريا قال: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جعفر بْن موسى البرمكي وحدثني ميمون بن هارون قال: حدثني عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع، عن جده الفضل بن الربيع [2] قال: خرج أمير المؤمنين الرشيد [3] من عند زبيدة وقد تغدى عندها ونام وهو يضحك، فقلت: قد سرني سرور أمير المؤمنين، فقال: ما أضحك، إلا تعجبا من هذه المرأة، أكلت/ عندها ونمت، فسمعت رنة، فقلت: ما هذه، قالوا: ثلاثمائة ألف دينار وردت من مصر، فقالت: هبها لي يا ابن عم، فرفعتها إليها، فما برحت حتى عربدت، وقالت: أي خير رأيت منك.
توفيت أم جعفر ببغداد في جمادى الأولى من هذه السنة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ [4] الْقَزَّازِ قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني الحسين بن محمد الخلال قال: وجدت بخط أبي الفتح القواس حدثنا صدقة [5] ابن هبيرة الموصلي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الواسطي قال: قال عبد الله بن المبارك الزمن:
رأيت زبيدة في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقالت: غفر لي بأول معول ضرب في طريق مكة، قلت: فما هذه الصفرة في وجهك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له بشر المريسي زفرت جهنم [6] عليه زفرة اقشعر لها جسدي فهذه الصفرة من تلك الزفرة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید