المنشورات

عبد الله أَمِير الْمُؤْمِنِينَ المأمون بْن الرشيد

كَانَ سبب مرضه أنه أكل رطبا فحم، وَكَانَ سبب وفاته [8] ، وصار به مَادة فِي حلقه، وكانت كلمَا بلغت فتحت فبطت قبل أن تبلغ وقت تمَامها فمَات [9] .
كَانَ فِي وصيته: أنه لا إله إلا الله، وإني مقر مذنب، أرجو وأخاف، ثم انظروا مَا كنت فيه من عز الخلافة هل أغنى ذلك شيئا إذ جاء أمر الله [، لا والله، ولكن أضعف علي به الحساب، فيا ليت عبد الله بْن هارون لم يكن بشرا، بل ليته لم يكن خلقا!] [10] يا أبا إسحاق، أدن مني، واتعظ بمَا ترى، وخذ [1] بسيرة أخيك فِي القرآن، واعمل فِي الخلافة إذا طوقكها [2] الله عمل المريد للَّه الخائف من عقابه ولا تغتر باللَّه وبمهلته فكان قد نزل بك الموت ولا تغفل عن أمر الرعية.
فلمَا اشتد الأمر به دعا أبا إسحاق فَقَالَ: يَا أبا إسحاق، عليك عهد الله وميثاقه، وذمة رسوله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، لتعملن بحق [3] الله فِي عباده، ولتؤثرن طاعة الله عَلَى معصيته. قَالَ:
نعم، قَالَ: فأقر عَبْد الله بْن طاهر عَلَى عمله، وإسحاق بْن إبراهيم، فأشركه فِي ذلك، فإنه أهل [لَهُ] [4] . وأهل بيتك، فالطف بهم، وبنو عمك من ولد علي بْن أبي طالب، فأحسن صحبتهم، ولا تغفل عن صلتهم [5] .
وتوفي فِي يوم الخميس وقت الظهر، عَلَى نهر البدندون لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب [بعد العصر] [6] من هَذِهِ السنة.
فلمَا توفي صلى عَلَيْهِ أبو إسحاق المعتصم، وحمله ابنه العباس وأخوه محمد بن 18/ أالرشيد إِلَى طرسوس، فدفناه/ فِي دار كانت لخاقان خادم الرشيد، وَكَانَ عمره سبعا وأربعين سنة، وقيل: ثمان وأربعين سنة، وكانت خلافته عشرين سنة، وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وكان له عثمان عشر ذكرا، وتسع بنات [7] .
واستأذنت المعتصم حظية كانت للمَامون اسمها تزيف أن تزور قبره، فأذن لها فضربت فسطاطا وجعلت تبكي وتنوح بشعر لها وَهُوَ:
يَا ملكا لست بناسيه ... نعى إلي العيش ناعيه
والله مَا كنت أرى أنني ... أقوم فِي الباكين أبكيه
والله لو يقبل فيه الفداء ... لكنت بالمهجة أفديه
عاذلتي فِي جزعي أقصري ... قد علق الدهر بمَا فيه
فمَا بقي أحد فِي العسكر إلا بكى [1] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید