المنشورات

خلف بْن أيوب، أبو سعيد العامري البلخي

فقيه أهل بلخ وزاهدهم، أخذ الفقه عن أبي يوسف، وابن أبي ليلى. والزهد عن إبراهيم بْن أدهم [4] .
وسمع الحديث من عوف بْن أبي جميلة، وإسرائيل، ومعمر، وغيرهم، روى عنه: أحمد، ويحيى، وأبو كُرَيْب.
أنبأنا زاهر بْن طاهر، أنبأنا أحمد بْن الحسين البيهقي، أنبأنا [5] أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن عبد العزيز المذكر يقول:
سمعت أبا عمرو محمد بْن علي الكندي [6] يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن السبب [فِي] [7] إثبات ملك آل ساسان أن أسد بْن نوح خرج إِلَى المعتصم، وَكَانَ أسد حسن المنظر شجاعا عالمَا فصيحا عاقلا فتعجبوا من حسنه وجمَاله وفصاحته [8] . فَقَالَ لَهُ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ: هل فِي بيتك أشجع منك؟ قَالَ: لا. قَالَ: فهل فِي بيتك أعقل منك؟ قال:
27/ ب لا. فلم يعجب الخليفة ذلك منه، فدخل عَلَيْهِ بعد ذلك فسأله مثل تِلْكَ المسألة، فأجابه/ بمثل ذلك الجواب، فلم يعجبه، ثم إنه كرر عليه السؤال فأجابه بمثله، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، هلا قلت ولم ذاك؟ قَالَ: ويحك، ولم ذلك [9] ؟ قَالَ: لأنه ليس فِي أَهْل بيتي أحد وطئ بساط الخليفة وشاهد طلعته، وقابله بالمسألة التي قابلني بِهَا ورضي خلقه وخلقه غيري، فأنا أفضلهم إذا [10] فاستحسن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ذلك منه فتمكن موقعه لديه، ثُمّ إنه خيره بين أعمَال كور خراسان فاختار منها ولاية بلخ ونواحيها، فلمَا ورد بلخ بعهد أَمِير الْمُؤْمِنِينَ كَانَ يتولى الخطبة بنفسه، ثم إنه سأل عن علمَاء بلخ هل فيهم من لم يقصده. قالوا: نعم، خلف بْن أيوب أعلم أهل الناحية وأزهدهم وأورعهم وهو يتجنب السّلطان، ولا سبيل إليه فِي اختلافه إِلَى السلاطين [1] ، فاشتهى أسد بْن نوح لقاءه، فوكل بعض أصحاب الأخبار بخلف بْن أيوب وقال: إذا كَانَ يوم الجمعة فراقب [2] خلفا، فإذا [3] خرج من بيته، فبادر إلي وعرفني، فذهب صاحب الخبر فراقب خلف بْن أيوب حَتَّى خرج من بيته يقصد الجمعة، فبادر وأخبره، [فركب] [4] فلمَا استقبله نزل عن دابته وقصد خلفا فلمَا رآه خلف قد قصده قعد مكانه، وغطى وجهه بردائه، فَقَالَ:
السلام عليكم. فأجابه جوابا مشفيا، فسلم المرة الثانية، فأجاب ولم يرفع رأسه، فرفع أسد بْن نوح رأسه إِلَى السمَاء، ثم قَالَ: اللَّهمّ إن هذا العبد الصالح يبغضنا/ فيك، 28/ أونحن نحبه فيك، ثم ركب ومر، فأخبر بعد ذلك أن خلف بْن أيوب مرض فذهب إليه يعوده، فَقَالَ [لَهُ:] [5] هل لك من حاجة؟ قال: نعم. قال: وما هي؟ قال [6] : حاجتي أن لا تعود إليّ وإذا مرضت. قَالَ [7] : وهل غير ذلك؟ قَالَ: إن مت فلا تصلي علي وعليك السواد، قَالَ: فلمَا توفي خلف شهد [أسد] [8] بْن نوح جنازته راجلا، فلمَا بلغ المصلى نزع السواد وتقدم فصلى عَلَيْهِ، فسمع صوتا بالليل: بتواضعك وإجلالك لخلف بْن أيوب ثبتت الدولة فِي عقبك، ولا تنقطع أبدا.
وفي رواية أخرى: أن أسدا رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي المنام كأنه يقول لَهُ: يَا أسد بْن نوح، ثبت ملكك وملك بيتك بإجلالك لخلف بْن أيوب.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید