المنشورات

القاسم بْن سلام، أبو عبيد

44/ أكان أبوه عبدا روميا لرجل من أهل هراة، وبها ولد أبو عبيد، ويحكي أن سلامَا خرج يوما وأبو عبيد مَعَ ابْن مولاه فِي الكتاب، فَقَالَ للمعلم: علمني القاسم فإنّها كسبه [11] .
طلب أبو عبيد [1] العلم، وسمع الحديث من إسمَاعيل بْن جعفر، وشريك، وهشيم، وابن عيينة، ويزيد بْن هارون، وخلق كثير، وروى اللغة عن البصريين والكوفيين، عن أبي زيد، وأبي عبيدة، والأصمعي، واليزيدي، وعن أبي عثمَان [2] ، وأبي عمرو الشيباني، والكسائي، [والأحوص] [3] ، والأحمر، والفراء. وصنف الكتب فِي فنون الفقه والقراءات، والغريب، [4] وغير ذلك. وَكَانَ مؤدبا [5] لآل هرثمة، وصار فِي ناحية عبد الله بْن طاهر وَكَانَ [6] ذا فضل ودين وجود، ومذهب حسن [7] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور عبد الرحمن [8] بن محمد، أخبرنا أبو بكر بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [9] ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء قَالَ: قَالَ أبو الحسن محمد بْن جعفر التَّمِيمِيّ: كَانَ طاهر بْن الحسين حين مضى إِلَى خراسان نزل بمرو، فطلب رجلا يحدثه ليله، فقيل:
ما هاهنا إلا رجل مؤدب، فأدخل عَلَيْهِ أبو عبيد، فوجده أعلم الناس بأيام الناس، والنحو، واللغة، والفقه، فَقَالَ لَهُ: من المظالم تركك أنت [10] بهذا البلد، فدفع إليه ألف دينار، وقال له: أنا متوجه إلى خراسان إلى حرب [11] ، وليس أحب استصحابك شفقة عليك، 44/ ب فأنفق هَذِهِ إِلَى أن أعود إليك قَالَ [12] أبو عبيد: [صنفت] [13] / «غريب المصنف» إِلَى أن عاد طاهر بْن الحسين من خراسان فحمله معه إلى سامراء [14] .
قَالَ التميمي: وحَدَّثَنَا أبو علي النحوي، حَدَّثَنَا الفسطاطي قَالَ: كَانَ أبو عبيد مَعَ ابْن طاهر، فوجه إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدة [1] شهرين، فأنفذ أبا عبيد إليه فأقام شهرين، فَلَمَّا أراد الانصراف وصله أبو دلف بثلاثين ألف درهم، فلم يقبلها وقال:
أنا فِي جنبة [2] رَجُل مَا يحوجني إِلَى صلة أحد ولا آخذ مَا فيه علي نقص، فلمَا عاد إِلَى طاهر وصله بثلاثين [3] ألف دينار بدل مَا وصله أبو دلف، فَقَالَ لَهُ: أيها الأمير [قد قبلتها، ولكن] أنت [قد] [4] أغنيتني بمعروفك وبرك وكفايتك عنها، وقد رأيت أن أشتري بِهَا سلاحا وخيلا، وأوجّه بها إلى الثغور ليكون الثواب متوفرا عَلَى الأمير ففعل [5] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا [أبو بكر] [6] أحمد بن علي بن ثابت [7] ، حدثنا [8] أبو القاسم الأزهري، حَدَّثَنَا أحمد بْن إبراهيم، حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَنِ السكري قَالَ: قَالَ أحمد بْن يوسف- إمَا سمعته منه أو [9] حدثت به عنه- قَالَ: لمَا عمل أبو عبيد كتاب «غريب الحديث» عرضه عَلَى عبد الله بْن طاهر فاستحسنه وقال: إن عقلا بعث [10] صاحبه عَلَى عمل مثل هَذَا الكتاب لحقيق أن لا يحوج [11] إِلَى طلب المعاش، فأجرى لَهُ عشرة آلاف درهم فِي كل شهر [12] .
وأول من سمع هَذَا الكتاب من أبي عبيد: يحيى بْن معين، وابن المديني [13] .
وَكَانَ الأصمعي يقول: لن يضيع الناس ما حيي أبو عبيد/. 45/ أوقال إبراهيم [الحربي] [14] : مَا شبهت أبا عبيد إلا بجبل نفخ فيه روح.
وَكَانَ أبو عبيد يقسم الليل أثلاثا فينام ثلثه، ويصلي ثلثه، ويضع الكتب ثلثه [15] .
وتولي قضاء طرسوس، ثم حج سنة تسع عشر، ومَات بمكة سنة أربع وعشرين، وقيل فِي التي قبلها [16] ، وقد بلغ سبعا وستين سنة.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید