المنشورات

يحيى بْن يحيى بْن بكير بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، أبو زكريا التميمي المنقري

من ولد قيس بْن عاصم المنقري. وقال البخاري: ويقال: هُوَ مولى بني منقر من بني سعد.
سمع من مَالك، والليث بْن سعد، وابن لهيعة وغيرهم، وَكَانَ عالمَا خيرا ورعا [7] ، وَكَانَ ابْن رَاهَوَيْه يقول: مَا رأيت مثل يحيى بْن يحيى، ومَا رأى مثل نفسه.
/ أنبأنا إسمَاعيل بْن أحمد قَالَ: أنبأنا أبو القاسم يوسف بْن الحسن التفكري 52/ ب قَالَ: سمعت أبا علي الحسن بْن علي بْن بندار الريحاني يقول: كَانَ يحيى بْن يحيى يحضر مجلس مالك، فانكسر قلمه، فناوله المأمون قلمَا من ذهب- أو مقلمة من ذهب-فلم يقبل [1] ، فَقَالَ لَهُ المأمون: مَا اسمك؟ قَالَ: يحيى بْن يحيى النيسابوري قَالَ:
تعرفني؟ قَالَ: نعم، أَنْت المأمون ابْن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قال: فكتب المأمون على ظهر جزوة [2] : ناولت يحيى بْن يحيى النَّيْسابوريّ [3] قلمَا فِي مجلس مَالك فلم يقبله، فلمَا أفضت الخلافة إليه بعث [4] إِلَى عامله [5] بنَيْسابور يأمره [6] أن يولي يحيى بْن يحيى القضاء، فبعث إليه يستدعيه، فقال بعض الناس له [7] : تمتنع من الحضور، وليته أذن للرسول، فأنفذ إليه كتاب المأمون، فقرئ عَلَيْهِ، فامتنع من القضاء، فرد إليه ثانيا، وقال: إن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ يأمرك بشيء وأنت من رعيته، وتأبى عَلَيْهِ، فَقَالَ: قل لأَمِير الْمُؤْمِنِينَ ناولتني قلمَا وأنا شاب فلم أقبله، أفتجبرني [الآن] [8] عَلَى القضاء وأنا شيخ.
فرفع الخبر إِلَى المأمون، فَقَالَ: قد علمت امتناعه، ولكن ول القضاء رجلا يختاره [9] ، فبعث إليه العامل فِي ذلك [10] ، فاختار رجلا [11] فولي القضاء، ودخل عَلَى يحيى وعليه سواد فضم يَحْيَى فرشا كَانَ جالسا عَلَيْهِ كراهية أن يجمعه وإياه، فقال: أيها الشيخ، ألم تخترني [12] ؟ قال: إنما قلت اختاروه، ومَا قلت لك تقلد القضاء.
أَخْبَرَنَا [13] زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا سعيد بْن أبي بكر بْن أبي عثمَان يقول:
سمعت فاطمة بِنْت إبراهيم بْن عبد الله السعدية تقول: سمعت فاطمة امرأة يحيى بن 53/ أيحيى تقول: قام يحيى [14] مرة لورده، فلمَا فرغ منه/ قعد يقرأ، إذ سمعت جلبة فَقَالَ لي: تعرفوا مَا هذه الجلبة؟ فنظرنا فإذا العسكر والمشاعل وهم يقولون: الأمير عبد الله بْن طاهر يزور أبا زكريا. فعرفناه الخبر، وَكَانَ ابْن طاهر يشتهي أن يراه، فمَا كَانَ بأسرع من أن استأذنوا عَلَيْهِ [15] ففتحنا [16] ، فدخل الأمير عبد الله بْن طاهر وحده، فلمَا قرب من أبي زكريا وسلم، قام إليه والمصحف فِي يده، ثم رجع إلى قراءته حتى ختم السورة التي كَانَ افتتحها، ثم وضع المصحف، واعتذر إِلَى الأمير وقال: لم أشتغل [عنه] [1] تهاونا بحقه، إِنَّمَا كنت افتتحت سورة فختمتها، فقعد عبد الله ساعة يحدثه، ثم قَالَ لَهُ:
ارفع إلينا حوائجك، فَقَالَ: قد [والله] [2] وقعت لي حاجة فِي الوقت، فَقَالَ: مقضية [3] مَا كانت. فَقَالَ: قد كنت أسمع محاسن [4] وجه الأمير ولا أعاينها [5] إلا ساعتي هَذِهِ، وحاجتي إليك أن لا ترتكب مَا يحرق هَذِهِ المحاسن بالنار. فأخذ الأمير عبد الله بْن طاهر فِي البكاء حَتَّى قام وَهُوَ يبكي.
توفي يحيى بْن يحيى [6] فِي [صفر] [7] هَذِهِ السنة وَهُوَ ابْن أربع وثمَانين سنة.
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا [8] أَبُو بكر البيهقي، أنبأنا [9] الحاكم أبو عبد الله [النيسابوري] [10] قال: سمعت أبا الحسن محمد بْن الحسن [11] السراج الزاهد- وَكَانَ شديد العبادة- قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي المنام كأنه قد أقبل، إِلَى أن وقف عَلَى قبر يحيى بْن يحيى وتقدم، وصف خلفه جمَاعة من أصحابه، فصلى عَلَيْهِ، ثم التفت إِلَى أصحابه فَقَالَ: / هَذَا القبر لأمان [12] لأهل هذه المدينة. 53/ ب وقد روى عن يحيى بْن يحيى خمس طبقات من كبار العلمَاء.
فالطبقة الأولى: إسحاق بْن راهويه، ومحمد بْن رافع، وعلي بْن غنام، ومحمد بن أسلم، ومحمد بن يحيى الذهلي، ونظراؤهم.
والطبقة الثانية: أحمد بْن الأزهر العبدي [13] ، وإبراهيم بْن عبد الله السعدي، ويحيى بن محمد الذهلي ونظراؤهم.
والطبقة الثالثة: مسلم بْن الحجاج، وسليمَان بْن داود، وإسمَاعيل بْن قتيبة السلمي، ونظراؤهم.
والطبقة الرابعة: زكريا بْن داود الخفاف، وعصمة بن إبراهيم الزاهد، وإبراهيم بن علي الذهلي، ونظراؤهم.
والطبقة الخامسة: إسمَاعيل بْن الحجاج الميداني، ويحيى بْن عبد الله بْن سليمَان، والحسن [1] بْن معاذ، ونظراؤهم.
وقد روى عنه أئمة البلدان، منهم: إبراهيم بْن إسمَاعيل العنبري إمَام عصره بطرسوس [2] ، ومُحَمَّد بْن مشكان إمَام عصره بسرخس، وعبد المجيد بْن إبراهيم القاضي [3] إمَام عصره ببوشنج، وعثمَان بْن سعيد الدارمي إمَام عصره بهراة، ومحمد بْن الفضل البلخي إمَام عصره ببلخ، ومُحَمَّد بْن نصر المروروذي إمَام عصره بسمرقند، ومحمد بْن إسمَاعيل البخاري إمَام عصره ببخارى، ومحمد بْن عبد الله بْن أبي عرابة إمَام عصره بالشاش، ومحمد بْن إسحاق الشافعيّ إمام عصره بأبيورد، وحميد بْن زنجويه [4] إمَام عصره بنسا/.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید