المنشورات

علي بْن عبد الله بْن جعفر بْن يحيى بْن بكر بْن سعد، أبو الحسن السعدي مولاهم، ويعرف بابن المديني

بصري المولد [10] ، كوفي المنشأ [11] ، ولد سنة إحدى وستين ومَائة.
وسمع حمَاد بْن زيد، وهشام بْن بشير، وسفيان بْن عيينة، وخلقا كثيرا.
وَكَانَ المقدم عَلَى حفاظ وقته، وَكَانَ سفيان بْن عيينة يقول: والله إني أتعلم من ابْن المديني أكثر ممَا [1] يتعلم مني، ولولاه مَا جلست وكذلك كَانَ يحيى [2] بْن سعيد يقول: الناس يلوموني [3] فِي قعودي مَعَ علي، وأنا أتعلم من علي أكثر ممَا يتعلم مني/.
وَكَانَ أحمد بْن حنبل لا يسميه، وإنمَا يكنيه تبجيلا لَهُ، وقال البخاري: مَا 93/ ب استصغرت نفسي عِنْد أحد إلا عند علي بْن المديني [4] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أبو سعيد المَاليني قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله بْن عدي قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بْن أحمد القرميسيني [5] قَالَ:
سمعت مُحَمَّد بْن يزداد [6] يقول: سمعت أحمد [7] بْن يوسف البحيري يقول: سمعت الأعين يقول: رأيت علي بْن المَدِينيّ مستلقيا، وأحمد بْن حنبل عن يمينه، ويحيى بْن معين عن يساره، وَهُوَ يملي عليهمَا [8] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت قال:] [9] أخبرنا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر الإسمَاعيلي قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن سيار قَالَ: سمعت عباسًا العنبري يقول: كَانَ [10] علي بْن المَدِينيّ بلغ مَا لو قضي [11] لَهُ أن يتم على ذلك، لعله كان يقدم عَلَى الحسن البصري، كَانَ الناس يكتبون قيامه وقعوده، ولباسه، وكل شيء يقول ويفعل، أَوْ نحو هَذَا [12] .
قَالَ المصنف: والذي منع ابْن المديني من [13] التمَام إجابته فِي خلق القرآن وميله إِلَى ابْن أَبِي دؤاد لأجل حطام الدنيا، فلم يكفه أن أجاب فكان يعتذر للتقية [14] ، وصار يتردد إِلَى ابْن أَبِي دؤاد ويظهر لَهُ الموافقة.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ [أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ] [15] بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:
أخبرنا الحسين بن علي الصيمري [1] قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران المرزباني قَالَ:
أخبرنا محمد بْن يحيى قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بْن فهم قَالَ: حَدَّثَنَا أبي قَالَ: قَالَ ابْن أبي دؤاد للمعتصم: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا يزعم- يعني أحمد بْن حنبل [2]- أن الله تعالى يرى فِي الآخرة، والعين لا تقع إلا عَلَى محدود، والله لا يحد. فَقَالَ المعتصم: مَا عندك فِي هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أمير الْمُؤْمِنِين، عندي مَا قاله رَسُول اللَّهِ صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ. قَالَ: ومَا قَالَ عَلَيْهِ السلام؟ قَالَ: حدثنا محمد بن جعفر غُنْدُرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد 94/ أعن قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ/ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنَ الشَّهْرِ [3] ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَدْرِ، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ [4] رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْبَدْرَ، لا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» [5] . فَقَالَ لأَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ: مَا عِنْدَكَ فِي هَذَا؟ قَالَ:
أَنْظُرُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَكَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، [ثُمَّ انْصَرَفَ] [6] ، فوجه ابْن أبي دؤاد إِلَى علي بْن المديني، وَهُوَ مملق لا يقدر على درهم، فأحضره فما كلمه بشيء حَتَّى وصله بعشرة آلاف درهم، وقال لَهُ: هَذِهِ وصلك بِهَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وأمر أن يدفع إِلَيْهِ جميع مَا استحق من أرزاقه، وَكَانَ لَهُ رزق سنتين، ثم قَالَ: يَا أبا الحسن حديث جرير بْن عَبْد الله فِي الرؤية مَا هُوَ؟ قَالَ: صحيح، قَالَ: فهل عندك فيه شيء؟ قَالَ:
يعفيني القاضي من هَذَا. فَقَالَ: يَا أبا الحسن هُوَ حاجة الدهر ثم أمر لَهُ بثياب وطيب ومركب بسرجه ولجامه ولم يزل بِهِ [7] حَتَّى قَالَ لَهُ: فِي هَذَا الإسناد من لا يعتمد عَلَيْهِ ولا عَلَى مَا يرويه، وَهُوَ قيس بْن أبي حَازِم، إنمَا كَانَ أعرابيا بوالا عَلَى قدميه [8] . فقام ابْن أبي دؤاد إِلَى ابْن المديني فاعتنقه، فلمَا كَانَ من الغد، وحضروا [9] قَالَ ابْن أبي دؤاد: يَا أمير الْمُؤْمِنِين، هَذَا [1] يحتج فِي الرؤية [2] بحديث جرير، وإنمَا رواه عنه قيس بْن أبي حازم [3] وهو أعرابي بوال عَلَى عقبيه.
قَالَ أحمد بعد ذلك: فعلمت أنه من عمل ابْن المديني [4] .
قَالَ المصنف [5] : وهذا إن صح عن علي [بْن المديني] [6] فإنه إقدام عظيم عَلَى الشرع، فإن قيسا روى عَنْ تسعة من العشرة فإنه لم يرو عن عَبْد الرَّحْمَنِ وَهُوَ من العلمَاء الثقات الذين لم يطعن فيهم، خرج عنه البخاري، ومسلم فِي الصحيحين [7] .
وكذلك روى لهم ابْن المديني فِي حديث عمر «وكلوه إِلَى خالقه» وَكَانَ قد أخطأ فِي هَذَا الحديث الوليد بْن مسلم/، وإنمَا هُوَ «وكلوه إِلَى عالمه» فقال أحمد بن حنبل: 94/ ب علي يعلم أن الْوَلِيد أخطأ فلم روى لهم الخطأ حَتَّى يحتجون به؟! [8] وَكَانَ علي إذا جاء حديث عن أحمد بْن حنبل يقول: اضرب عن هَذَا ليرضى ابْن أبي دؤاد، وكان قد سمع من أحمد [9] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قَالَ: أَخْبَرَنَا البرقاني قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن محمد [10] الأدمي قال: حدثنا محمد بن علي الأيادي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قَالَ: قدم علي بْن المديني البصرة [11] ، فصار إليه بندار، فجعل يقول: قَالَ أبو عبد الله، فقال له بندار- على رءوس الملأ- من أبو عبد الله أحمد بْن حنبل؟ [قَالَ: لا،] [1] أبو عبد الله أحمد بْن أبي دؤاد.
قَالَ بندار: عند الله احتسب خطئي، شبه علي هَذَا، وغضب وقام [2] .
أخبرنا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا [أبو بكر] [3] بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أَحْمَدَ الرَّزَّازُ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إبراهيم [4] الشافعي قَالَ: كَانَ عند إبراهيم الحربي قمطر من حديث علي بْن المديني، ومَا كَانَ يحدث به، فقيل لَهُ: لم لا تحدث عنه؟ قَالَ: لقيته يومَا وبيده نعله وثيابه فِي فمه، فقلت: إِلَى أين؟ قَالَ: ألحق الصلاة خلف أبي عبد اللَّه، فظننت أنه يعني أحمد بْن حنبل فقلت: من أبو عبد الله؟
قَالَ: أبو عبد الله بْن أبي دؤاد، فقلت: والله لا حدثت عنك بحرف [5] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ [6] بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قَالَ: أَخْبَرَنَا الحسين بْن علي الصيمري وأحمد بْن علي التوزي قالا: حَدَّثَنَا محمد بْن عمران بْن موسى قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الجرجاني قَالَ: حَدَّثَنَا أبو العيناء قَالَ: دخل علي بن المديني 95/ أعلي أحمد بْن أبي دؤاد بعد أن جرى من محنة أحمد بْن حنبل مَا جرى، فناوله/ رقعة وقال: هَذِهِ طرحت فِي داري، [فقرأها] فإذا فيها:
يَا ابْن المديني الذي شرعت لَهُ ... دنيا فجاد بدينه لينالها
مَاذا دعاك إِلَى اعتقاد مقالة ... قد كَانَ عندك كافر من قالها
أمر بدا لك رشده فقبلته ... أم زهرة الدنيا أردت نوالها
فلقد عهدتك لا أبا لك مرة ... صعب المقالة للتي تدعى لها
إن الحريب لمن [7] يصاب بدينه ... لا من يرزئ ناقة وفصالها
فَقَالَ لَهُ أحمد: قد هجا خيار الناس، وقد قمت وقمنا [1] من حق الله تعالى بمَا يصغر لَهُ [2] قدر الدُّنْيَا عند كثير ثوابه، ثم دعا لَهُ بخمسة آلاف درهم، وقال: اصرف هَذِهِ فِي نفقاتك [3] .
قَالَ المصنف: وقد روى جمَاعة عن علي بْن المديني أنه قَالَ: إنمَا أجبت تقية، وخفت السيف، وَقَدْ حبست فِي بيت مظلم ثمَانية أشهر، وفي رجلي قيد [فيه] [4] ثمَانية أمنان حَتَّى خفت عَلَى بصري.
توفي ابْن المديني بسامراء في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: فِي سنة خمس وثلاثين، ولا يَصِّح.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید