المنشورات

قتل إيتاخ

 وقد ذكرنا أنه استأذن فِي الحج فأذن لَهُ، ولمَا رجع من الحج إِلَى العراق، وجه إِلَيْهِ المتوكل سعيد بْن صالح الحاجب [1] بكسوة وألطاف، وأمره أن يتلقاه ببعض الطريق، وقد تقدم المتوكل إِلَى عامله عَلَى الشرطة ببغداد إسحاق بْن إبراهيم بأمره فيه [2] .
فلمَا خرج إسحاق وقرب إيتاخ من بغداد، أراد أن يأخذ طريق الفرات إِلَى الأنبار، ثم يَخْرُج إِلَى سامراء، فكتب إليه إسحاق: إن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، قد أمر أن تدخل بغداد، وأن يتلقاك بنو هاشم ووجوه الناس، وأن تعقد لهم فِي دار خزيمة/ بن خازم، فتأمر لهم 96/ أبجوائز [3] .
وشحن إسحاق الجسر بالجند والشاكرية، وخرج فِي خاصته، فاستقبله [4] ، فلمَا نظر إليه أهوى إِسْحَاق لينزل، فحلف عَلَيْهِ إيتاخ أن لا يفعل.
وَكَانَ إيتاخ فِي ثلاثمَائة من أصحابه وغلمَانه، فسارا جميعا حَتَّى إذا صار عند الجسر تقدمه إسحاق، فعبر حَتَّى وقف عَلَى باب خزيمة بن خازم، وقال لإيتاخ يدخل [5] .
وَكَانَ الموكلون بالجسر كلمَا مر بهم غلام من غلمَان إيتاخ [1] قدموه، حَتَّى بقي فِي خاصة غلمَانه [2] ، فدخل، وقد فرشت لَهُ دار خزيمة، وتأخر إسحاق، وأمر أن لا يدخل الدار من غلمَانه إِلَّا ثلاثة أو أربعة، وأخذت عَلَيْهِ الأبواب وأمر بحراسته من ناحية الشط، وقطعت [3] كل درجة فِي قصر خزيمة، فحين دخل أغلق الباب [خلفه] [4] ، فنظر فدخل، فإذا ليس معه إلا ثلاثة غلمَان، فَقَالَ: قد فعلوها [5] .
فمكث يومين أو ثلاثة، ثم ركب إسحاق حراقة وأعد لإيتاخ أخرى، ثم أرسل إليه أن يصير إلى الحراقة، وأمر بأخذ سيفه، وصاعدا إِلَى دار إسحاق، فأدخل ناحية منها، ثم قيد فصير فِي عنقه ثمَانين رطلا، فمَات ليلة الأربعاء لخمس خلون من جمَادى الآخرة، وأشهد إسحاق عَلَى موته أبا الحسن [6] محمد بْن ثابت صاحب البريد ببغداد والقضاة، وأراهم إياه لا ضرب به وَلَا أثر، فقيل إن هلاكه كَانَ بالعطش، وحبس ابناه معه، فبقيا إِلَى أن ولي المنتصر فأخرجهما [7] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید