المنشورات

نصر بْن زياد بْن نهيك، أبو محمد النيسابوري القاضي

سمع ابْن المبارك، وجرير بْن عبد الحميد، وخارجة بْن مصعب وغيرهم] [3] .
وتفقه عَلَى محمد بْن الْحَسَن، وأخذ الأدب عن النضر بْن شميل، وولي قضاء نيسابور بضع عشرة سنة، ولم يزل محمودا عِنْد السلطان والرعية، وكانت كتب المأمون [4] إليه متواترة.
أَخْبَرَنَا زاهر بْن طاهر، أَخْبَرَنَا [5] أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ قَالا:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قَالَ: سمعت أبا زكريا يحيى بْن محمد العنبري يقول: سَمِعْتُ أبا العباس أحمد بْن محمد البالوي [6] يقول: كَانَ نصر بْن زياد القاضي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويقول: لولا هذا لم أتلبس لهم بعمل/ 106/ ألكني إذا لَمْ ألي القضاء لم أقدر [عَلَيْهِ] [1] ، وَكَانَ يحيي الليل، ويصوم الاثنين، والخميس، والجمعة، ولا يرضى من العمَال حَتَّى يؤدوا حقوق الناس إليهم، فدخل عَلَيْهِ أحمد بْن حرب يوما فوعظه، وأشار في موعظته بأن يستعفي ممَا هُوَ فيه، فَقَالَ: يَا أبا عبد الله، مَا يحملني عَلَى مَا أنا فِيهِ إلا نصرة الملهوفين، والقدرة عَلَى الانتصار للمظلومين من الظالمين، ولعل الله عز وجل قد عرف لي ذلك.
قَالَ الحاكم: وحدثني محمد بْن حامد قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بْن منصور قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: قَالَ لي [2] نصر بْن زياد القاضي: يَا أبا أحمد [3] ، أعلمت [4] أن أبا بكر الصديق سم عَلَى العدل، وأن عمر بْن الخطاب قتل عَلَى العدل، وأن عثمَان بْن عفان قتل على العدل، وأن علي بن أبي طالب قتل عَلَى العدل، وأن عمر بْن عبد العزيز سم عَلَى العدل، يأبى الناس أن يحتملوا العدل.
قَالَ الحاكم: وسمعت [أبا حامد] [5] أحمد بْن محمد المقرئ الواعظ يقول:
سمعت غير واحد من مشايخنا يذكر أن رجلا ورد هراة فرفع قصة إِلَى عبد الله بْن طاهر، فلمَا قدم بين يديه قَالَ: من خصمك؟ قَالَ: الأمير أيده الله، قَالَ: مَا الذي تدعي علي؟
قَالَ: ضيعة لي بهراة غصبنيها والد الأمير وهي اليوم في يده. قَالَ: ألك بينة؟ قَالَ: إنمَا تقام البينة بعد الحكومة إِلَى القاضي، فإن رأى الأمير [أن] [6] يحملني وإياه عَلَى حكم الإسلام. قَالَ: فدعى عبد الله بْن طاهر بالقاضي نصر بْن زياد، ثم قَالَ للرجل: ادعي.
قَالَ [7] : فادعى الرجل مرة بعد مرة، فلم يلتفت إليه نصر بن زياد، ولم يسمع دعواه، / 106/ ب فعلم الأمير أنه قد امتنع من سمَاع [8] الدعوى قال: حتى يجلس الخصم والمدعي، فقام عبد الله بْن طاهر من مجلسه، حَتَّى بلغ مَعَ خصمه بين يديه، فقال نصر للمدعي:
ادعي، فَقَالَ: أيد الله القاضي إن ضيعة لي بهراة، وذكرها بحدودها وحقوقها، هي لي فِي يد الأمير، فَقَالَ لَهُ الأمير عبد الله بْن طاهر: أيها الرجل، قد غيّرت الدعوى، إنما ادعيت أولا عَلَى أبي [1] ، فَقَالَ لَهُ [2] الرجل: لم أشته أن أفضح والد [3] الأمير فِي مجلس الحكم، وأقول [4] والد الأمير غصبني عَلَيْهَا، وأنها اليوم فِي يد الأمير، فسأل نصر بن زياد عبد الله بْن طاهر عن دعواه، فأنكر، فالتفت إِلَى الرجل وقال: ألك بينة [5] ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فمَا الذي تريده؟ قَالَ: يمين الأمير باللَّه الذي لا إله إلا هُوَ. قَالَ:
فقام الأمير إلى مكانه وأمر الكاتب ليكتب [6] إِلَى هراة برد الضيعة عَلَيْهِ.
توفي نصر الدين بْن زياد لسبع بقين من صفر هَذِهِ السنة، وَهُوَ ابْن ستة وتسعين سنة.






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید