المنشورات

الإمَام أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل، أَبُو عبد الله الشيباني

قدمت أمه بغداد وهي حامل به، فولدته ونشأ بِهَا، وسمع شيوخها، ثم رحل إِلَى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، واليمن، والشام، والجزيرة وسمع من خلق كثير.
وجمع حفظ الحديث والفقه والزهد والورع، وكانت مخايل النجابة تبين عَلَيْهِ [7] من زمن الصغر، وَكَانَ أشياخه يعظمونه.
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] [8] الحافظ قَالَ:
أَخْبَرَنَا أبو عقيل أحمد بْن عيسى أَخْبَرَنَا عبد العزيز بْن الحارث التميمي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد النسّاج قَالَ: سمعت إبراهيم الحربي يقول: رأيت أحمد بن حنبل كَأَنّ الله [قد] [1] جمع لَهُ علم الأولين والآخرين من كل صنف يقول مَا شاء ويمسك عمَا شاء [2] .
أَخْبَرَنَا [أبو منصور] القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ قَالَ:] [3] أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر الفقيه قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن حمدان [العكبري] ، حَدَّثَنَا أبو حفص [عمر بْن مُحَمَّد] بْن رجاء قَالَ: سمعت عبد الله بْن أحمد بْن حنبل [يقول:
سمعت أبا زرعة الرازي يقول: كَانَ أحمد بْن حنبل] [4] يحفظ ألف ألف حديث، فقيل لَهُ: ومَا يدريك؟ قَالَ: ذاكرته فأخذت عَلَيْهِ الأبواب [5] .
أَخْبَرَنَا إسمَاعيل بْن أحمد قال: أخبرنا حمد بْنُ أحمد [الحداد] قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو نعيم أحمد بن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد القاضي قَالَ: سمعت أبا دَاوُد السجستاني يقول: لم يكن أحمد بْن حنبل يخوض فِي شيء ممَا يخوض فيه الناس من أمر الدُّنْيَا، فإذا ذكر العلم تكلم [6] .
قَالَ سليمَان: وأخبرنا عبد الله بْن أحمد قَالَ: وَكَانَ أبي يصلي كل يوم وليلة ثلاثمَائة ركعة، فلمَا مرض من تلك الأصوات أضعفته، فكان يصلي فِي كل يوم وليلة مَائة وخمسين/ ركعة، وَكَانَ فِي زمن الثمَانين وَكَانَ يقرأ فِي كل يوم سبعا، وكانت له 120/ أختمة فِي كل سبع ليال سوى صلاة النهار، وَكَانَ ساعة يصلي ويدعو عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة ثم يقوم إِلَى الصباح يصلى، وحج خمس حجات ثلاث [حجج] [7] مَاشيا، واثنتين راكبا [8] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، عَنْ أَبِي إسحاق البرمكي، عن عبد العزيز بْن جعفر قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر الخلال قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بْن محمد البراثي قَالَ: أخبرني أحمد بْن عبثر قَالَ: لمَا مَاتت أم صالح قَالَ أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إِلَى فلانة ابنة عمي فاخطبيها لي من نفسها. قَالَ: فأتيتها فأجابته [1] ، فلمَا رجعت إليه قَالَ: كانت أختها تسمع كلامك. قَالَ: وكانت بعين واحدة؟ قالت: نعم، قَالَ: فاذهبي واخطبي تلك التي بعين واحدة فأتتها فأجابته وهي أم عَبْد الله [2] .
[قَالَ المؤلف:] [3] وقد ذكرنا كيف امتحن أحمد وضرب فِي زمن المعتصم، وأنه جعل المعتصم فِي حل [4] .
ولمَا ولي المتوكل أكرمه وبعث إليه مَالا كثيرا فتصدق به، واستزاره ليحدث أولاده [5] ، فحلف أن لا يحدث، فلم يحدث حَتَّى مَات.
ومرض أحمد ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول من هَذِهِ السنة واشتد [6] مرضه تسعة أيام وتوفي [7] .
وَكَانَ قد أعطاه بعض أولاد الفضل بْن الربيع [وَهُوَ فِي الحبس] [8] ثلاث شعرات من شعر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فأوصى عند موته أن تجعل كل شعرة عَلَى عينه والثالثة عَلَى لسانه [9] .
وَكَانَ يصبر فِي مرضه صبرا عظيمَا [10] فمَا أن إلا فِي الليلة التي توفي فيها [11] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ خَيْرُونٍ، وابن ناصر قالا: أخبرنا أحمد بن الْحَسَن المعدل قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو علي بْن شاذان قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بْن عبد بْن عمرويه [1] / قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ قَالَ: لمَا حضرت أبي الوفاة 120/ ب جلست عنده وبيدي الخرقة لأشد بِهَا لحيته، فجعل يغرق ثم يفيق، ثم يفتح عينيه ويقرأ بيده هكذا، لا بعد لا بعد، ففعل هَذَا مرة وثانية، فلمَا كَانَ فِي الثالثة قلت لَهُ: يَا أبه! أي شيء هذا [2] ، قد لهجت به في هذا الوقت تغرق حَتَّى نقول: قد قضيت، ثم تعود فتقول لا بعد؟ فَقَالَ لي: يَا بني! مَا تدري؟ قلت: لا، قَالَ: إبليس لعنه الله قائم حذائي عاض عَلَى أنامله يقول: يَا أحمد فتني! فأقول لَهُ: لا بعد حَتَّى أموت [3] .
قَالَ المصنف [4] : فضائل أحمد رضي الله عنه كثيرة، وإنمَا اقتصرنا ها هنا عَلَى هَذِهِ النبذة لأني قد جمعت فضائله فِي كتاب كبير جعلته مَائة باب، ثم مثل هذا التاريخ لا يحتمل أكثر ممَا ذكرت، [والله الموفق] [5] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید