المنشورات

المتوكل أمر ببناء المدينة التي بناها بالمَاحوزة

 فأقطع أصحابه وقواده فيها، وجد فِي بنائها، وسمَاها الجعفرية، أنفق عَلَيْهَا ألفي ألف دينار، وبنى بِهَا قصرا سمَاه اللؤلؤة، لَمْ ير فِي علوه مثله، وأمر بحفر نهر يأخذه من خمس فراسخ، قدر لَهُ [1] مَائتي ألف دينار، وأقام فيه اثني عشر ألف رجل يعملون، فقتل المتوكل، وخربت الجعفرية، ولم يتم النهر [2] .
وفي هذه السنة: بعث ملك الروم ميخائيل يسأل المفاداة بمن عنده، وبعث مَعَ الرسول سبعة وسبعين أسيرا من المسلمين أهداهم إِلَى المتوكل، وَكَانَ قدومهم لخمس بقين من صفر، ولم يقع الفداء إلا فِي سنة ست وأربعين [3] .
وفي هذه السنة: زلزلت بلاد المغرب حَتَّى تهدمت الحصون والمنازل والقناطر، فأمر المتوكل بتفرقة ثلاثة آلاف ألف درهم فِي الذين أصيبوا بمنازلهم [4] .
وفيها: زلزلت المدائن [5] .
وفي شوال: كانت زلزلة ورجفة بأنطاكية، فقتلت خلقا، وسقط منها ألف وخمسمَائة دار، وسقط من سورها نيف وتسعون برجا، وسمعوا أصواتا هائلة لا يحسنون وصفها من كوى المنازل، وهرب أهلها إِلَى الصحارى، وتقطع جبلها الأقرع، وسقط فِي البحر، فهاج البحر، فارتفع منه دخان أسود مظلم [1] .
وسمع أهل تنيس من مصر ضجة هائلة/، فمات منها خلق كثير [2] . 136/ ب وزلزلت: بالس، والرقة، وحران، ورأس العين، وحمص، ودمشق، والرها، وطرطوس، والمصيصة، وأدنة، وسواحل الشام. ورجفت اللاذقية فمَا بقي فيها [3] منزل، ولا أفلت من أهلها إلا اليسير، وذهبت جبلة بأهلها [4] .
وفيها [5] : غارت مشاش عين مكة، حَتَّى بلغت القربة فيها [ثمَانين] [6] درهمَا، فبعثت أم المتوكل فأنفقت عَلَيْهَا [7] .
وفيها: هلك نجاح بْن سلمة، وذلك أنه كَانَ يتتبع [8] العمَال وكتب رقعة إِلَى المتوكل فِي الْحَسَن بْن مخلد، وموسى بْن عبد الملك أنهمَا قد خانا، وأنه يستخرج منهمَا أربعين ألف ألف [دِرْهَم] [9] فَقَالَ لَهُ المتوكل: بكر إلي غدا حَتَّى أدفعهمَا إليك، فغدا وقد رتب أصحابه، وقال: يَا فُلان [10] خذ أنت الحسن [11] ، ويا فلان خذ أنت [12] موسى، وكانا منقطعين إِلَى عبيد الله بْن يحيى بْن خاقان وزير المتوكل [13] ، فأمر عبيد الله أن يحجب نجاح عن المتوكل، فلقيه الوزير، وقال: أنا أصلح مَا بينك وبينهمَا، وتكتب رقعة تذكر فيها أنك كنت شاربا [14] ، فتكلمت بأشياء، فلم يزل يخدعه حَتَّى كتب رقعة، فأدخلها عَلَى المتوكل، وقال: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ: قد رجع نجاح عمَا قَالَ، وهذه رقعة موسى والحسن يتقابلان بمَا كتبا ويأخذان منه قريبا ممَا ضمن عنهمَا [15] .
فَقَالَ: ادفعه إليهمَا، فأخذ وابناه وكاتبه وأصحابه، فأقر نجاح وابنه بنحو مَائة وأربعين ألف دينار، وضرب فمَات، وضرب أولاده وأصحابه فأقروا بنحو تسعين ألف دينار، فقال الشاعر:

مَا كَانَ يخشى نجاح صولة الزمن ... حَتَّى أديل لموسى منه والحسن
غدا عَلَى نعم الأحرار يسلبها ... فراح صفرا سليب المَال والبدن [1]
وفيها: غارت الروم عَلَى سميساط فقتلوا وسبوا نحوا من خمسمَائة [2] .
وغزا علي بْن يحيى الأرمني الصائفة [3] .
137/ أوحج بالناس في هذه السنة مُحَمَّد بْن سليمان/ بْن عبد الله بْن محمد بْن إبراهيم الإمام وهو والي مكة [4] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید