المنشورات

سوار بْن عبد الله بْن سوار بْن عبد الله بْن قدامة، أبو عبد الله العنبري الْبَصْرِيّ.

نزل بغداد، وولي بِهَا قضاء الرصافة [فِي سنة سبع وثلاثين] [6] ، وحدث عن أبيه، وعن ابْن مهدي، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
روى عنه: عبد الله بْن أحمد، وابن صاعد وغيرهمَا. وَكَانَ فقيها فصيحا أديبا شاعرا ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عمر بْن روح قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ: أَخْبَرَنَا المظفر بْن يحيى بْن أحمد قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن الفهم قَالَ: حدثني الجرمي قَالَ: دخلت حمَامَا فِي درب الثلج، فإذا سوار بْن عَبْد الله القاضي فِي البيت الداخل، وقد استلقى وعليه المئزر، فجلست بقربه فساكتني ساعة، ثم قَالَ: قد أحشمتني يَا رجل، فإمَا أن تخرج أو أخرج.
فقلت: جئت أسألك عن مسألة. قال: ليس هَذَا موضع المسائل، فقلت: إنها من مسائل الحمَام، فضحك، وقال: هاتها. فقلت: من الَّذِي يَقُولُ:
سلبت عظامي لحمها فتركتها ... عواري ممَا نالها تتكسر
وأخليت منها مخها فكأنها ... قوارير فِي أجوافها الريح تصفر
إذا سمعت ذكر الفراق تراعدت ... مفاصلها خوفا لما تتنظّر
خذي بيدي ثم ارفعي الثوب تنظري ... بلى جسدي لكنني أتستر
فَقَالَ سوار: أنا والله قلتها، قلت: إنه يغني بِهَا ويجود، فَقَالَ: لو شهد عندي الذي يغني بِهَا لأجزت شهادته [1] .
138/ أأخبرنا محمد بْن ناصر الحافظ/ أَخْبَرَنَا أبو الغنائم محمد بْن علي الزينبي أَخْبَرَنَا أحمد بْن الحسين بْن الفضل قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّد بْن عبد الله الكاتب قَالَ:
حَدَّثَنَا علي بن عَبْد اللَّهِ بن العباس بْن المغيرة الجوهري قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْن سعيد الدمشقي، حَدَّثَنَا الزُّبَير بْن بكار قَالَ: حدثني محمد بْن سلام قَالَ:
كَانَ حمَاد بْن موسى صاحب أمر [2] محمد بْن سليمَان، والغالب عَلَيْهِ، فحبس سوار القاضي رجلا فيمَا يحبس فيه القضاة، فبعث حمَاد فأخرج الرجل من الحبس، فجاء خصمه إِلَى سوار فأخبره أن حمَادا قد أخرج الرجل من الحبس، فركب سوار حَتَّى دخل عَلَى محمد بْن سليمَان وَهُوَ قاعد للناس، والناس عَلَى مراتبهم، فجلس حيث يراه محمد، ثم دعا قائدا من قوّاده فقال:
أسامع أنت مطيع؟ قَالَ: نعم. قَالَ: اجلس ها هنا فأقعده عن يمينه، ثم دعا آخر من نظرائه فَقَالَ لَهُ كمَا قَالَ للأول. وأجابه بمثل مَا أجاب الأول، فأقعده مَعَ صاحبه حَتَّى فعل ذلك بجمَاعة من قواد محمد، ثم قَالَ: انطلقوا إِلَى حمَاد بْن موسى فضعوه فِي الحبس، فنظروا إِلَى مُحَمَّد بْن سليمَان، فأشار عليهم أن افعلوا مَا أمركم به. فانطلقوا إِلَى حمَاد فوضعوه فِي الحبس، وانصرف سوار إِلَى منزله، فلمَا كَانَ العشي أراد محمد بْن سليمَان الركوب إليه، فجاءته الرسل فقالوا: إن الأمير [قد عزم] [1] عَلَى الركوب إليك. فَقَالَ: لا: نحن أولى بالركوب إِلَى الأمير، فركب إليه، فَقَالَ: كنت عَلَى المجيء إليك يَا أبا عبد الله، فَقَالَ: مَا كنت لأجشم الأمير ذلك، وبلغني ما/ يصنع [2] 138/ ب هَذَا الجاهل حمَاد. قَالَ: هُوَ مَا بلغ الأمير. قَالَ: فأحب أن تهب لي ذنبه. قَالَ: أفعل أيها الأمير إن رد الرجل إِلَى الحبس. قَالَ: نعم بالصغر لَهُ والقمَاء، فوجه الرجل فحبسه، وأخرج حمَادا وكتب صاحب الخبر بذلك إِلَى الرشيد، فكتب إِلَى سوار يجزيه خيرا ويحمده [عَلَى مَا صنع] [3] ، وكتب إِلَى محمد بكتاب غليظ يذكر فيه حمَادا ويقول: الرافضيّ ابن الرافضي [4] ، والله لولا أن الوعيد أمَام العقوبة مَا أدبته إلا بالسيف ليكون عظة لغيره ونكالا يفتات عَلَى قاضي المسلمين فِي رأيه، ويركب هواه لموضعه منك، ويعترض فِي الأحكام استهانة بأمر الله تعالى، وإقدامَا عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، ومَا ذاك إلا بك وبمَا أرخيت من رسنه، وباللَّه لئن عاد إِلَى مثلها لتجدني أغضب لدين الله وأنتقم لأوليائه من أعدائه [5] .
توفي سوار فِي شوال هَذِهِ السنة بعد أن كف بصره.




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید