المنشورات

علي بن الجهم بن بدر السامي

من ولد سامة بن لؤي بن غالب، وكان شاعرا وكان له اختصاص بالمتوكل [7] ، وكان فاضلا متدينا ذا شعر جيد مستحسن، إلا أنه كان يتكلم عند المتوكل [على أصحابه] [8] فحبسه المتوكل، ثم نفاه إلى خراسان.
أَخْبَرَنَا أبو منصور [9] القزاز [قال] : أخبرنا [أبو بكر] [10] بْن ثَابِت أَخْبَرَنَا [11] مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ [12] الحنائي [قَالَ:] [13] حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بن جعفر بن شاذان قَالَ: سمعت إبراهيم الحَرْبيّ يقول: قَالَ لي علي بن الجهم: وجه بي المتوكل فِي حاجة له إلى بغداد، فلما كان يوم جمعة [1] صليت في الصحن، فإذا سائل قد وقف يسأل، فحدث أحاديث صحاحا، وأنشد شعرا مستويا، وتكلم بكلام حسن، فأخذ من [2] قلوب الناس، ثم قَالَ [لهم] : [3] يا قوم، إني لم أوت من عجر، وإني افتتنت [4] في علوم كثيرة ولقد خرجت إلى الجعفري إلى المتوكل، فحملت والتراب على رأسي فخرج يوما المتوكل [5] على حمار له يدور في القصر فطرحت [6] التراب على رأسي وأنشدته القصيدة الفلانية، وأنشدها [7] فجود [8] إنشادها، فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فقال له علي بن الجهم: الساعة يفتح عليك أهل الخلد فلا تكفيك [9] بيوت الأموال، فلم أعط شيئا، فلم يبق أحد إلا لعنني وذمني، فقلت للخادم: علي بالسائل. فأتاني بِهِ، فقلت له [10] : تعرف علي بن الجهم؟ فقال: لا. فقلت للخادم: من أنا؟ قَالَ: علي بن الجهم [11] فقلت لشيوخ [12] بالقرب مني: من أنا؟ قالوا: [13] علي بن الجهم. فقال: ما تنكر من هذا هات عشرة دراهم أخرجك وأدخل غيرك. فأعطيته عشرة دراهم، وأخذت عليه أن لا يذكرني [14] .
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز [قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر بْن ثَابِت قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أيوب القمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمران الكاتب قَالَ: أخبرني] مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: قَالَ علي بن الجهم [1] :
نوب الزمان كثيرة وأشدها ... شمل تحكم فيه يوم فراق
يا قلب لم عرّضت نفسك للهوى ... أو ما رأيت [2] مصارع العشاق [3]
أَخْبَرَنَا القزاز [قَالَ:] أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بن علي بن ثابت] [4] الخطيب وَقَالَ: قرأت في كتاب عمر بن محمد بن الحسن [5] عن أبي بكر الصولي قَالَ حَدَّثَنَا علي بن مُحَمَّد بن نصر قَالَ: قَالَ [6] أَحْمَد بن حمدون: ورد على المستعين في شعبان سنة [7] تسع وأربعين كتاب صاحب البريد بحلب أن علي بن الجهم خرج من حلب متوجها إلى الغزو، فخرجت عليه [وعلى] جماعة [معه خيل] [8] من كلب، فقاتلهم قتالا شديدا فلحقه الناس وهو جريح [9] بآخر رمق [فكان مما قَالَ] [10] :
أسال بالصبح سيل ... أم زيد في الليل ليل
يا إخوتي بدجيل ... وأين مني دجيل
[وكان منزله ببغداد في شارع دجيل] [11] ، وأنه مات فوجدت معه رقعة حين نزعت ثيابه بعد موته فيها:
يا رحمتا للغريب في البلد ... النازح ماذا بنفسه صنعا 

فارق أحبابه مما انتفعوا ... بالعيش من بعده ولا انتفعا [1]
ومات في ذلك المنزل على يوم من حلب، ومن شعره المستحسن:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن ... سلوت ولكن زدن حمرا على حمر
[سلمن وأسلمن القلوب كأنما ... تشك بأطراف المثقفة السمر
وقلن لها نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري بليل ولا يغري
ولا بذل إلا ما تزود ناظر ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري
خليلي ما أحلى الهوى وأمره ... وأعلمني بالحلو فيه وبالمر] [2]
كفى بالهوى شغلا وبالشيب زاجرا ... لو أن الهوى ما ينهنه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل رأيتما ... أرق من [3] الشكوى وأقسى من الهجر
وأفضح من عين المحب لسره ... ولا سيما أن طلعت عبرة تجري
وإنا لممن سار بالثغر ذكره ... ولكن أشعاري يسير بها ذكري
وما كل [4] من قاد الجياد يسوسها ... ولا كل من أجرى يُقَالُ له مجري
ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر
وفرق شمل المال جود يمينه ... على أنه أبقى له أجمل الذكر
إذا ما أمال الرأي أدرك فكره ... غرائب لم تخطر ببال [5] ولا فكر
ولا يجمع الأموال إلا لبذلها ... كما لا يساق الهدي إلا إلى النحر
ومن قَالَ إن القطر والبحر أشبها ... فقد أثنى على البحر والقطر
أغير كتاب الله تبغون شاهدا ... لكم يا بني العباس بالمجد والفخر
كفاكم بأن الله فوض أمره ... إليكم وأوحى أن أطيعوا أولي الأمر
وهل يقبل الإيمان إلا بحبكم ... وهل يقبل الله الصلاة بلا طهر
ومن كان مجهول المكان فإنما ... منازلكم بين الحجون إلى الحجر





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید