المنشورات

أحمد بن بديل، بن قريش بن الحارث، أبو جعفر اليامي الكوفي

سمع أبا بكر بن عياش [5] ، وعبد الله بن إدريس، وحفص [6] بن غياث، ومحمد بن فضيل، ووكيعا، وأبا معاوية، وغيرهم. وكان من أهل العلم والفضل، ولي القضاء بالكوفة وكان يسمي راهب الكوفة [7] وكان يقول حين قلد: خذلت على كبر سني. وتقلد أيضا قضاء همذان، وورد بغداد فحدث بِهَا، روى عنه ابن صاعد [8] وغيره، وتوفي في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي بن ثابت] [9] الخطيب أخبرنا علي بن أبي علي [10] ، حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا القاضي أبو الحسن [11] محمد بن صالح الهاشمي قَالَ: حدثني القاضي أبو عمر- يعني مُحَمَّد بن يوسف- وأبو عَبْد اللَّهِ المحاملي القاضي، وأبو الحسن علي بن العباس النوبختي قالوا: حَدَّثَنَا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان قَالَ: كنت اكتب لموسى بن بغا، وكنا بالري، و [كان] [1] قاضيها إذ ذاك أَحْمَد بن بديل الكوفي، فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة هناك كان له فيها سهام ويعمرها، وكان فيها سهم ليتيم، فصرت إلى أَحْمَد بن بديل- أو قَالَ: فاستحضرت أَحْمَد بن بديل- وخاطبته في أن يبيع [2] علينا حصة اليتيم، ويأخذ الثمن فامتنع، وَقَالَ: ما باليتيم حاجة إلى البيع، ولا آمن أن أبيع ما له وهو مستغن عنه فيحدث على المال [3] حادثة، فأكون قد ضيعته عليه. فقلت: أنا أعطيك في ثمن حصته ضعف قيمتها. فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر مثلها إذا قل. قَالَ:
فأدرته بكل لون وهو يمتنع، فأضجرني فقلت له: أيها القاضي ألا تفعل؟ فإنه موسى بن بغا! فقال لي: أعزك الله، إنه الله تبارك وتعالى!! قَالَ: فاستحييت من الله تَعَالَى أن أعاوده بعد ذلك وفارقته. ودخلت على موسى بْن بغا فقال: ما عملت في الضيعة؟ فقصصت عليه الحديث فلما سمع «انه الله تبارك وتعالى» [4] بكى وما زال يكررها ثم قَالَ: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فان كانت له حاجة فاقضها.
قَالَ: فأحضرته وقلت له: إن الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة وذلك أني شرحت له ما جرى بيننا وهو يعرض عليك [قضاء] [5] حوائجك. قَالَ: فدعا له وَقَالَ: هذا الفعل أحفظ لنعمتك وما لي حاجة إلا إدرار رزقي، فقد تأخر منذ شهور و [قد] أضر بي ذلك [6] فأطلقت له جارية [7] .
أخبرنا [أبو منصور] القزاز، أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [1] الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عيسى الهمذاني، حَدَّثَنَا صالح بن أَحْمَد الْحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو إسحاق [2] إبراهيم بن عمروس قَالَ: سمعت أَحْمَد بن بديل الكوفي [وكان قاضيا] [3] يقول: بعث إلى المعتز رسولا بعد رسول، فلبست كمتي ولبست نعلا طاقا، فأتيت بابه فقال الحاجب: يا شيخ، نعليك! فلم ألتفت إليه ودخلت الباب الثاني فقال الحاجب:
نعليك! فلم ألتفت إليه فدخلت الباب [4] الثالث، فقال [الحاجب] [5] : يا شيخ نعليك! [فلم ألتفت إليه ثم] [6] قلت: أبالوادي المقدس أنا فأخلع نعلي؟ فدخلت بنعلي [7] فرفع مجلسي وجلست على مصلاه، فقال: أتعبناك أبا جعفر؟ فقلت: أتعبتني وذعرتني [8] فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا [أن] نسمع العلم. قلت: وتسمع العلم أيضا؟ ألا جئتني؟ فإن العلم يؤتى ولا يأتي. قَالَ نعتب [9] أبا جعفر فقلت: له خلبتني بحسن أدبك أكتب [ما شئت] [10] . قال: فأخذ الكتاب والدواة والقرطاس، فقلت: أتكتب حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قرطاس بمداد؟ قَالَ: فيم أكتب؟ قلت: في رق بحبر فجاءوا برق وحبر فأخذ الكاتب يريد أن يكتب. فقلت:
أكتب بخطك! فأومى إلى أنه لَا يحسن [11] فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه. فسئل أي حديثين؟ [فَقَالَ] [12] : قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من استرعى رعية فَلَمْ يُحِطْهَا بِالنَّصِيحَةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» . وَالثَّانِي: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَأْمُرُ [1] عَشَرَةً إِلا يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولا» [2] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید