المنشورات

الحسن الفلاس

أحد المتعبدين البغداديين، عاصر سريا السقطي، وكان السري [6] يفخم أمره ويقول: يعجبني طريقته، وكان حسن لا يأكل إلا القمام.
أخبرنا مُحَمَّد بن أبي منصور، أَخْبَرَنَا عبد القادر بن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا إبراهيم بن عمر البرمكي، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بن عَبْد الرَّحْمَنِ الزهري، قَالَ: حدثني أبي، حَدَّثَنَا أبو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بن العباس بن الفضل قَالَ: سمعت وهب بن نعيم بْن الهيصم يقول:
جاء حسن الفلاس إلى بشر بن الحارث يزوره مرة ومرتين وثلاثا، يتردد إليه في مسألة ليكون الحجة فيما بينه وبين الله تعالى، فتركه بشر وقام مرة ومرتين وثلاثا، فلما كان بعد ذلك تبعه إلى المقابر، فلما صار إلى المقابر وقف بشر فقال له: يا حسن، أيود هؤلاء أن يردوا فيصلحوا ما أفسدوا؟ ألا فاعلم يا حسن أنه من فرح قلبه بشيء من الدنيا أخطأ الحكمة قلبه، ومن جعل شهوات الدنيا تحت قدميه فرق الشيطان من ظله، ومن غلب هواه فهو الصابر الغالب، ألا فأعلم إن البلاء كله في هواك، والشفاء كله في مخالفتك إياه، فإذا لقيته فقل [له] [7] قال لي.
فرجع الحسن فعاهد الله تعالى إن لا يأكل ما يباع، ولا ما يشتري، ولا يلبس ما يباع ولا ما يشترى، ولا يمسك بيده ذهبا ولا فضة، ولا يضحك أبدا [1] ، وكان يأوي ستة أشهر في العباسية، وستة أشهر حول دار البطيخ، ويلبس ما في المزابل ولقيه رجل بالبذندون منصرفا على هذه الصورة، فقال: يا حسن، من ترك شيئا للَّه عوضه الله [ما هو] [2] خير منه فما عوضك؟ فقال الحسن: الرضا بما ترى. فلما رجع من غزاته [3] خرج به خراج فكانت [فيه] [4] منيته، فلما اشتد به أمره [5] قَالَ لمولاة: لا تسقيني ماء حتى اطلبه منك. فلما قرب منه الأمر طلب منها الماء، فشرب وَقَالَ: لقد أعطاني ما يتنافس فيه المتنافسون.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید