المنشورات

وقعة كانت بين أبي أَحْمَد وصاحب الزنج في المحرم

أضعفت أركان صاحب الزنج، واسمه بهبوذ وفي صفر قتل، وشرح القصة: أن أبا أَحْمَد ألح على حربه، ورغب الناس في جهاد العدو، وصار معه جماعة من المطوعة، ورتب الناس وأمرهم أن يزحف جميعهم مرة واحدة، وعبر يوم الأثنين لثلاث بقين من المحرم سنة سبعين، فنصر ومنح أكتاف القوم، فولوا منهزمين، واتبعهم الناس يقتلون ويأسرون، فقتل ما لا يحصى وخربت [1] مدينة الخبيث بأسرها، واستنقذوا ما كان فيها من الأسارى من الرجال والنساء والصبيان، وهرب الخبيث وخواصه إلى موضع قد كان وطأه لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته، فتبعه الناس، فانهزم أصحابه، وغدا أبو أَحْمَد يوم السبت لليلتين خلتا من صفر، فسار إلى الفاسق، وكان قد عاد إلى المدينة بعد انصراف الناس، فلقي الناس قواد الفاسق فأسروهم، وجاء البشير بقتل الفاسق، ثم جاء رجل معه رأس الفاسق، فسجد الناس شكرا للَّه تَعَالَى، وأمر أَحْمَد فرفع عَلَى قناة فارتفعت أصوات النَّاس بحمد اللَّه تَعَالَى وشكره، [2] وأمر أبو أَحْمَد أن يكتب إلى أمصار المسلمين بالنداء في أهل البصرة، والأبلة، وكور دجلة، والأهواز وكورها، وأهل واسط، وما حولها مما دخله/ الزنج بقتل الفاسق [3] ، وان يؤمروا بالرجوع إلى أوطانهم.
وولى البصرة، والأبلة، وكور دجلة رجلا من قواد مواليه، وولى قضاء هذه الأماكن مُحَمَّد بن حماد، وقدم ابنه العباس إلى بغداد، ومعه رأس الخبيث ليراه الناس، فيسروا، فوافى بغداد يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادي الأولى في هذه السنة، والرأس بين يديه على قناة، فأكثر الناس التكبير والشكر للَّه تعالى والمدح لابن الموفق وأبيه، ودخل [أَحْمَد] [1] بن الموفق بغداد برأس الخبيث، وركب في جيش لم ير مثله من سوق الثلاثاء إلى المخرم، وباب الطاق، وسوق يحيى، حتى هبط إلى الجزيرة [2] ثم انحدر في دجلة إلى قصر الخلافة في جمادي هذه السنة، وضربت القباب، وزينت الحيطان.
وفي هذه السنة في ربيع الأول منها: ورد الخبر إلى بغداد بأن الروم نزلت ناحية باب تلمية [3] على ستة أميال من طرسوس، وهم زهاء مائة ألف، يرأسهم بطريق البطارقة أندرياس، فخرج إليهم يا زمان الخادم ليلا فبيتهم فقتل رئيسهم وخلقا كثيرا من أصحابه، يُقَالُ إنهم بلغوا سبعين ألفا، وأخذ لهم سبعة صلبان من ذهب وفضة، فيها صليبهم الأعظم من ذهب مكلل بالجوهر، وأخذ خمسة عشر ألف دابة وبغل، ومن السروج مثل ذلك، وسيوفا محلاة بذهب وفضة، ومناطق، وأربع كراسي من ذهب، ومائتي طوق من ذهب، وآنية كثيرة نحوا من عشرة آلاف علم، وكان النفير إلى أندرياس يوم الثلاثاء لسبع خلون من ربيع الأول.
وفي هذه السنة/ قتل ملك الروم الصقلبي.
وفيها: بنى أَحْمَد بن طولون أربعة أروقة على قبر معاوية بن أبي سفيان، وأمر أن يسرج هناك، وأجلس أقواما معهم المصاحف يقرءون القرآن.
وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن محمد الهاشمي.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید