المنشورات

داود بن علي بن خلف، أبو سليمان الفقيه الظاهري

ولد سنة مائتين [8] ، وسمع سليمان بن حرب، والقعنبي، ومسددا، وغيرهم.
ورحل إلى نيسابور، فسمع من إسحاق بن راهويه «المسند» و «التفسير» ، وكان يرد إلى إسحاق وما كَانَ أحد يتجاسر عَلَيْهِ [1] يرد عليه غيره، ثم قدم بغداد فسكنها، وصنف كتبه بها، وهو إمام أصحاب الظاهر، وكان ورعا ناسكا زاهدا [2] إلا أن مذهبه طريف يدعى الجمود على النقل، ويخالف كثيرا من الأحاديث، ويلتفت على مفهوم الحديث [3] إلى صورة لفظه، و [في] هذا تغفيل. / أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّد أخبرنا [أبو بكر] أَحْمَد بْن [عَلي بْن] ثَابِت، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي الوراق، حَدَّثَنَا عَلي بن عبد الله الهمذاني قال: حدثني أَحْمَد بن الحسين قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ المحاملي يقول: صليت صلاة العيد فِي يوم فطر في جامع المدينة، فلما انصرفت قلت في نفسي: أدخل على داود بن على أهنئه؟ وكان ينزل قطيعة الربيع، فجئته وقرعت عليه [4] الباب، فأذن لي، فدخلت عليه، وإذا بين يديه طبق فيه أوراق هندباء وعصارة فيها نخالة، وهو يأكل، فهنأ به [5] ، وتعجبت من حاله، فرأيت أن جميع ما نحن فيه من الدنيا ليس بشيء وخرجت من عنده، فدخلت على رجل من مكثري [6] القطيعة، يعرف: بالجرجاني، فلما علم بمجيئي [إليه] خرج إلي [7] حاسر الرأس، حافي القدمين وَقَالَ: ما عني القاضي أيده الله؟ قلت: مهم.
قَالَ: وما هو؟ قلت: في جوارك داود بن علي، ومكانه [8] من العلم ما تعلم [9] وأنت كثير البر والرغبة في الخير تغفل عنه، وحدثته حديثه وما [10] رأيت مِنْهُ [11] فقال لي: داود شرس الأخلاق، أعلم أيها القاضي! أني وجهت إليه البارحة ألف درهم مع غلامي ليستعين بها في بعض أموره فردها مع الغلام، وَقَالَ للغلام: وقل له بأي عين رأيتني، وما الذي بلغك من حاجتي وخلتي [1] حتى وجهت [2] بهذا. فتعجبت من ذلك وقلت له: هات الدراهم، فإني أحملها إليه أنا. فدعا بها ودفعها إلى وَقَالَ: ناولني الكيس الأخير، فجاءه بكيس فوزن ألفا أخرى فقال: تيك لنا، وهذه لموضع القاضي وعنايته. فأخذت الألفين وجئت إليه، فقرعت بابه، فخرج وكلمني من وراء الباب وَقَالَ: ما رد القاضي؟
قلت: حاجة أكلمك فيها، فدخلت وجلست ساعة، ثم أخرجت الدراهم وجعلتها بين يديه، فقال: هذا جزاء من ائتمنك على سره إنما بأمانة [3] العلم أدخلتك إلي، ارجع فلا حاجة لي فيما معك.
قَالَ المحاملي: فرجعت وقد صغرت الدنيا في عيني، ودخلت على الجرجاني وأخبرته بما رأيت [4] . فقال: أما أنا [فقد] [5] أخرجت هذه الدراهم للَّه تعالى، فلا ترجع في مالي [أبدا] فليتول القاضي [في] [6] إخراجها في أهل الستر [7] والعفاف من المتجملين بالستر والصيانة على ما يراه، فقد أخرجتها عن قلبي [8] .
أخبرنا [عَبْد الرَّحْمَنِ بن محمد] القزاز أخبرنا [أحمد بن علي] الخطيب حَدَّثَنَا [أبو طالب علي بن] [9] يحيى بْن عَلي الدسكري، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بن المقرئ قَالَ:
سمعت علي بن حمزة. قَالَ: سمعت أبا بكر بن داود يقول: سمعت أبي يقول خير الكلام ما دخل الأذن بلا إذن [10] .

قال المصنف: قدم داود بغداد فسأل صالح بن أحمد بن حنبل أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فاستأذن له، فقال [أَحْمَد] قد كتب إلى مُحَمَّد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني- وفي رواية عنه: انه قَالَ الذي في اللوح المحفوظ غير مخلوق، والذي يقرأ [1] الناس مخلوق.
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ] بن ثابت، أَخْبَرَنَا الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل القاضي قَالَ: وفي رمضان سنة سبعين ومائتين مات داود بن علي الأصبهاني، وهو أول من أظهر انتحال [2] الظاهر، ونفي القياس في الأحكام قولا، واضطر إليه فعلا، فسماه دليلا. وفي رواية: أنه توفي في ذي القعدة [3] .




مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید