المنشورات

إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم [أبو إسحاق] الأزدي، مولى جرير بن حازم من أهل البصرة

ولد سنة تسع وتسعين ومائة، وقيل: سنة مائتين، ونشأ بالبصرة [وامتد عمره، فحملت عنه علوم كثيرة] [4] وسمع مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ الأنصاري، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي، والقعنبي، وابن المديني، وغيرهم، وروى عنه: البغوي، وابن صاعد، وابن الأنباري، وغيرهم، وكان فاضلا متقنا فقيها على مذهب مالك، وشرح مذهبه ولخصه، واحتج [5] له، وصنف «المسند» وكتبا عدة في علوم القرآن، وجمع حديث مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري [6] وأيوب السختياني.
وولى القضاء في خلافة المتوكل لما مات سوار بن عَبْد اللَّهِ، وكان قاضي القضاة حينئذ بسر من رأى [أبو] جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، فأمره المتوكل أن يولى إسماعيل قضاء الجانب الشرقي من بغداد، فولاه سنة ست وأربعين ومائتين، وجمع له قضاء الجانبين بعد ذلك بسبع [7] عشرة سنة، ولم يزل قاضيا على عسكر المهتدي إلى سنة خمس وخمسين ومائتين، فإن المهتدي قبض على حماد بن إسحاق أخي إسماعيل، / وضرب بالسياط وأطاف به على بغل بسر من رأى، لشيء بلغه عنه، وصرف إسماعيل بن إسحاق، عن الحكم، واستتر وكان قاضي القضاة بسر من رأى الحسن بن مُحَمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثم صرف عن القضاء في هذه السنة، وولى القضاء عَبْد اللَّهِ بن نائل بن نجيح، ثم رد الحسن بن مُحَمَّد في هذه السنة إلى القضاء، ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي القاسم بن منصور التميمي نحو سبعة أشهر [1] ، ثم قتل المهتدى فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي ببغداد، فِي سنة ست وخمسين، فلم يزل إلى سنة ثمان وخمسين، ثم سأل الموفق أن ينقله إلى الجانب الغربي، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقية، وهي الكرخ البرتي، وعلى مدينة المنصور أَحْمَد بن يحيى، فأجابه إلى ذلك، وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب، واجتهد في رد ذلك، فما أمكنه لتمكن إسماعيل من الموفق باللَّه، فأجيب إسماعيل إلى ما سأل، ونقل البرتي إلى قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي وإسماعيل على الغربي بأسره إلى سنة اثنتين وستين ومائتين، ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق، وصرف البرتي، وقلد المدائن، والنهروانات [2] وقطعة من أعمال السواد، وكان ابن أبي الشوارب قد توفي فِي سنة إحدى وستين [3] فولى أخوه على بن مُحَمَّد مكانه، وكان يدعى بقاضي القضاة، وصار إسماعيل المقدم [ذكره] [4] على سائر القضاة، ولم يقلد قضاء القضاة [5] إلى أن توفي. / أخبرنا القزاز، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي محمد بن أَحْمَد بن يعقوب قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم [6] الضبي قَالَ: سمعت مُحَمَّد بن الفضل النحوي يقول:
سمعت أبا الطيب عَبْد اللَّهِ بن شاذان يقول: سمعت يوسف بن يعقوب يقول: قرأت توقيع المعتضد إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير: (واستوص بالشيخين الخيرين الفاضلين [7] إسماعيل بن إسحاق الأزدي، وموسى بن إسحاق الخطمي خيرا، فإنهما ممن إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا دفع عنهما بدعائهما) [8] .
[أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عبيد الله بن أبي الفتح، أَخْبَرَنَا إسماعيل بن سعيد العدل، أَخْبَرَنَا] [1] الحسين بن القاسم الكوكبي [قَالَ:] سمعت أبا العباس المبرد يقول: لما توفيت والدة إسماعيل بن إسحاق القاضي ركبت إليه أعزيه، وأتوجع له، وألفيت عنده الجلة من بني هاشم، والفقهاء والعدول، ومستورى مدينة السَّلَام [2] ، فرأيت من ولهه ما أبداه ولم يقدر على ستره، وكل [3] يعزيه، وقد كاد لا يسلو، فلما رأيت ذلك منه ابتدأت بعد التسليم فأنشدته:
لعمري لئن غال ريب الزمان ... فينا لقد غال نفسا حبيبة
ولكن علمي بما في الثواب ... عند المصيبة ينسي المصيبة.
فتفهم كلامي واستحسنه، ودعا بدواة وكتبه، ورأيته بعد قد انبسط وجهه، وزال عنه ما كان فيه من تلك الكآبة، وشدة الجزع [4] .
توفي إسماعيل ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة من هذه السنة وقت صلاة العشاء الآخرة فجأة.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید