المنشورات

علي بن العباس بن جريج، [أبو الحسن] ، مولى عبيد الله بن [عيسى بن] جعفر، يعرف: [بابن] الرومي أحد الشعراء المكثرين

أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد اللَّهِ الحُمَيْدِي قَالَ: أنشدنا أبو غالب بن بشران، أَخْبَرَنَا أبو الحسين بن دينار [3] قَالَ: أنشدنا أبو طالب الأنباري قَالَ: أنشدنا الناجم قَالَ: أنشدنا ابن الرومي لنفسه:
إذا ما مدحت الباخلين فإنما ... تذكرهم ما في سواهم من الفضل
وتهدي لهم غما طويلا وحسرة ... فان منعوا منك النوال فبالعدل
ومن أبياته المستحسنة ما قَالَ [4] :
وما الحسب الموروث [5] لا در دره ... بمحتسب إلا بآخر مكتسب
فلا تتكل إلا على ما فعلته ... ولا تحسبن المجد يورث بالنسب
فليس يسود المرء إلا بنفسه ... وان عد آباء كراما ذوي حسب
إذا الغصن لم يثمر وإن كان شعبة ... من المثمرات اعتده الناس في الحطب
وللمجد قوم ساوروه بأنفس ... كرام ولم يعبوا بأم ولا بأب
وله [أيضا] [6]
عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب
إذا انقلب الصديق غدا عدوا ... مبينا والأمور إلى انقلاب
ولو كان الكثير يطيب كانت ... مصاحبة الكثير من الصواب
ولكن قلما استكثرت إلا ... وقعت على ذئاب في ثياب
فدع عنك الكثير فكم كثير ... يعاف وكم قليل مستطاب
وما اللجج الملاح بمرويات ... وتلقي الري في النطف العذاب/
[وله أيضا:
إذا دام للمرء السواد وأخلقت ... محاسنة ظن السواد خضابا
وكيف يظن الشيخ أن خضابه ... يظن سوادا أو يخال شبابا] [1]
وله أيضا [2] :
إذا ما كساك الدهر سربال صحة ... ولم تخل من قوت يحل [3] ويعذب
فلا تغبطن المترفين فانه ... على قدر ما يكسوهم الدهر يسلب
[وله أيضا: [4]
وفي أربع منى خلت منك أربع ... فلست بدار أيها هاج لي كربي
أوجهك في عيني أم الريق في فمي ... أم النطق في سمعي أم الحب في قلبي
وله أيضا:
إن للمجد سبيلا وعرا ... ضيقا مسلكها فيه صعود
ليس تثنى بالأباطيل الطلي ... لا ولا توطأ بالهزل الخدود
بل بأن ينصب حر نفسه ... وبأن يسهر والناس رقود
وبأن يلقى بضاحي وجهه ... أوجها فيها عبوس وصدود
كلما عددت أثمان العلى ... ولما يبتاع منهن نقود
وله أيضا في مديحه:
تحكي المكارم عنكم وهي شاهدة ... ليست بغيب ولن تحصى بتعديد
وما حكاية شيء لا خفاء به ... جاء القياس فألوي بالأسانيد
لا تحسبوني لشيء غير أنفسكم ... مغري بتجديد مدح بعد تجديد
لكن كما راقت القمري جنته ... فظل يتبع تغريدا بتغريد
أحبكم لخلال لا لنعمتكم ... عندي وإن أصبحت عون المجاهيد
أفسدتموني لا إفساد تنحية ... للخير عني بل إفساد تعويد
وزهدتني أياديكم وفضلكم ... في كل شيء سواها أي تزهيد
وله أيضا في مديحه:
وفي الرقاب وسوم من صنائعكم ... أن أنكرتها رجال بعد إقرار
تستعبدون بها الأحرار دهركم ... فكم عبيد لكم في الناس أحرار
تخادعون عن الدنيا مساترة ... كأن معروفكم إيداع أسرار
إن كان أورق أقوام فإنكم ... مفضلون بتنوير وأثمار
كأنما الناس في الدنيا بظلكم ... قد خيموا بين جنات وأنهار
لكم خلائق لو تحظى السماء بها ... لما الاحت نجوما غير أقمار
ومستخف بقدر الشعر قلت له ... لن ينفق العطر إلا عند عطار
ابني البديع واهديه إلى ملك ... يبني الرفيع وما يبني بأحجار
يكسى المديح ولم يعور تجرده ... ككعبة الله لا تكسى لا عوار
وقال أيضا:
ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... بشيء ولا ألفي له الدهر مالكا
عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها جسد إن بان غودرت هالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا
وقال أيضا:] [1]
تخذتكم درعا حصينا [2] لتدفعوا ... نبال العدى عني فكنتم نصالها [3]
وقد كنت أرجو منكم خير ناصر ... على حين خذلان اليمين شمالها
فان انتم لم تحفظوا لمودتي ... ذماما فكونوا لا عليها ولا لها
قفوا موقف المعذور عني بمعزل ... وخلوا نبالي للعدى ونبالها
وقال أيضا: [1]
قلبي من الطرف السقيم سقيم ... لو أن من أشكو إليه رحيم
من وجهها ابدا نهار واضح ... من فرعها ليل عليه بهيم
إن أقبلت فالبدر لاح وإن مشت ... فالغصن راح وإن رنت فالريم
نعمت بها عيني وطال عذابها ... ولكم عذاب قد جناه نعيم
نظرت فأقصدت الفواد بسهمها ... ثم انثنت نحوي فكدت أهيم
ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت ... وقع السهام ونزعهن أليم
يا مستحل دمي محرم رحمتي ... ما انصف التحليل والتحريم
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، / أَخْبَرَنَا أبو يعلي أَحْمَد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا أحْمَد بْن مُحَمَّد [2] بن عمران، حَدَّثَنَا الحسن بن أَحْمَد [3] بن السري، حَدَّثَنَا علي بن العباس النوبختي قَالَ: بلغني أن أبا الحسن علي بن العباس بن جريج الرومي عليل، فمضيت إليه أعوده، فقلت له: أي شيء خبرك؟ قَالَ: أي شيء خبر من يموت! فقلت: ما أرى سحنتك إلا صافية حسنة، قَالَ:
هكذا من يموت يكون قبل ذلك [بيوم] [4] حسن الوجه! فقلت: يعافى الله فقال:
خذ حديثي، فإن لم يقطع أن أموت في هذه [العلة] [5] فاصنع ما شئت! أحببت أن أسكن في مدينة أبي جعفر، فشاورت صديقا لي يكنى أبا الفضل وهو مشتق من الإفضال، فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ عن يدك اليمنى- وهو مشتق من اليمن- وسل عن سكة النعيمية- وهو مشتق من النعيم- وسل عن دار أبي المعافى- وهو مشتق من العافية- فخالفت لشؤمي، واقتراب أجلي، فشاورت صديقا يُقَالُ له جعفر- وهو مشتق من الجوع [1] والفرار- فقال لي: إذا عبرت القنطرة فخذ يسرة- وهو مشتق من اليسر [2]- وسل عن سكة العباس- وهو مشتق من العبوس- وأسكن في دار أبي قليب- وهو مشتق من الانقلاب- وقد انقلبت بي الدنيا كما ترى! وأعظم ما على يجتمع في هذه السدرة في داري [في] كل يوم عصافير، فيصيحون في وجهي سيق سيق، فأنا في السياق فعاودته من الغد، فإذا هو قد مات [3] .
توفي ابن الرومي في هذه السنة وقيل: في سنة أربع وثمانين.





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید